المسألة الثانیة
حول معنیٰ هیئة الفعل المضارع
هیئـة الـمضارع والاستقبال ـ حسب ما یتبادر من کلمات أهل الأدب ـ سیقت لإفادة صدور الـفعل فی الـزمان الـمستقبل.
ولکن الذی هو الحقّ: أنّ هیئـة الـمضارع تفید ـ حسب الـتبادر ـ معنیً مقابل الـماضی، وأمّا أنّها لـلاستقبال، فهو ممنوع، بل هی لـلأعمّ منـه ومن
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 399 الـحال، ولأجلـه قال أهل الأدب: یتوغّل فی الاستقبال بدخول حروف الـتسویف علیـه، ویتمحّض فی الـحال بدخول الـلام علیـه، فیکون لـمعنیً مشترک بینهما.
وربّما یقال: إنّ الـهیئات خالیـة عن الأزمان، وتلتحق بها لـخصوصیّات زائدة علیٰ أصل الـوضع، ولأجلـه عبّر الـنحاة : بأنّ دلالتها تکون علیٰ صفـة الاقتران بأحد الأزمنـة الـثلاثـة، وهو أعمّ من کونها بالوضع، أو لأجل الـقرآئن والـخصوصیّات.
والإنصاف: أنّ الـتبادر یُضادّه ، بل الـهیئـة فی الـماضی موضوعـة للدلالـة علیٰ صدور الـفعل فی الـزمان الـماضی إلاّ مع قیام الـقرینـة، کما فی بعض الـموادّ مثل علم وفهم، مع أنّ من الـممکن دعویٰ دلالتها علیٰ أنّ الـتلبّس بالمادّة فی الـزمن الـماضی، وأمّا زوال الـمادّة أو بقاؤها فهو خارج عن حدود دلالتها، وتفصیلـه فی اُصولنا الـمحرّرة.
نعم الـهیئـة فی الـفعل الـمضارع لاتدلّ إلاّ علیٰ الـتلبّس بالمادّة مقابل الـماضی، کما عرفت.
وغیر خفیّ: أنّ استعمال الأفعال الـماضیـة فی الـماضی الإضافی، والأفعال الاستقبالیّـة فی الاستقبال الإضافی، لایدلّ علیٰ أنّ الـموضوع لـه فارغ عن خصوصیّات الأزمنـة.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 400