وعلیٰ مسلک الفقیه والعالم النبیه
«إِهْدِنَا» ووجِّهنا نحو الـهدایـة إلـیٰ « الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِیمَ» وطریق الـنجاة وسبیل الـجنّـة، وهو الإسلام والإیمان باللّٰه وبرسولـه صلی الله علیه و آله وسلم وبخلفائـه الـمعصومین علیهم السلام، وأمّا سائر الاُمور فهی خارجـة عن الـمطلوب بهذه الآیـة الـکریمـة، فالمقصود علیٰ ما یظهر هی الـهدایـة إلـیٰ الاعتقادات الـصحیحـة، الـتی هی أصل کلّ شیء، وأمّا الـهدایـة إلـیٰ الأخلاق الـحسنـة أو الأفعال الـصحیحـة، فهو مطلب آخر؛ ضرورة أنّ الـطریق الـمستقیم الـمنتهی إلـیٰ الـجنّـة منحصر بذلک، ولا منافاة بین هذه الـهدایـة ـ أی الـهدایـة إلـیٰ الـتوحید الـذاتی والـعبادی، والـهدایـة إلـیٰ الاُصول الاعتقادیّـة الـناجیـة ـ وبین الابتلاءات فی الـطریق وتحمّل الـتبعات فی الـسبیل.
وقریب منه: أنّ الـمطلوب بهذه الآیـة الـکریمـة هو نفس الاهتداء إلـیٰ «الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِیمَ»، وأمّا الانتهاء بعد تلک الـهدایـة إلـیٰ منتهیٰ الـصراط، وهو الـنجاة من الـنار والـفوز بالجنّـة؛ حتیٰ یکون الـمطلوب هی الـمقدّمـة الـموصلـة، فهو غیر معلوم، بل الـمطلوب بها هی الـمقدّمـة الـمطلقـة، لا الـموصلـة، ولا حال الإیصال؛ حسب ما تحرّر فی الاُصول، بل لـو قلنا بامتناع إیجاب الـمقدّمـة الـموصلـة أو الـمقدّمـة حال الإیصال یلزم امتناع طلب ذلک؛ لأنّ سر امتناعها غیر خفیّ علیٰ أهلـه، وهو مشترک بین کون الـبعث
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 140 إلـیٰ الـهدایـة بعثاً من الـعالی إلـیٰ الـدانی أو کان من الـدانی إلـیٰ الـعالی، ولا بین کون الـبعث إیجابیّاً أو کان إرشادیّاً، فعلیـه یتوقّف طلب الـقارئ الـکریم بعد وصولـه إلـیٰ «الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِیمَ»، ویکون من قبیل إراءة الـطریق، لا الإیصال إلـیٰ الـمطلوب.
وقریب منه: أنّ معنیٰ «إِهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِیمَ» ینحلّ إلـیٰ الـبعث إلـیٰ الـهدایـة من الـضلالـة، وإلـیٰ إدامـة الـهدایـة، ولا یکون ـ حتّیٰ بالنسبـة إلـیٰ الـشخص الـواحد بعثاً إلـیٰ الـهدایـة من الـضلالـة، فعند ذلک بعث واحد بداعیین: أحدهما الـسوق إلـیٰ الـهدایـة، والآخر الإبقاء علیها، وهذا لـیس من استعمال الـهیئـة فی الـمعنیین حتّیٰ یُتوهَّم امتناعـه، أو یُتخیَّل استبعاده واستهجانـه، کما مرّ تفصیلـه.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 141