المسألة الثالثة
معنیٰ «نعبد»
الـعبدیّـة والـعُبودیّـة والـعُبودة ـ بضمّها ـ والـعِبادة ـ بالکسر ـ : الـطاعـة.
وقال بعض أئمّـة الاشتقاق: أصل الـعُبودیّـة الـذلّ والـخضوع، وقال آخرون: الـعُبودة: الـرضا بما یفعل الـرّب، والـعبادة فعل ما یرضیٰ بـه الـربّ. وقیل: الأوّل أقویٰ، فلهذا قیل: تسقط الـعبادة فی الآخرة، لا الـعُبودة؛ لأنّ الـعُبودة أن لا یریٰ متصرّفاً فی الـدارین ـ فی الـحقیقـة ـ إلاّ اللّٰه.
قال بعض الـمشایخ: هذا مَلْحظ صوفیّ لا دخْل لـلأوضاع الـلُّغویّـة فیـه. انتهیٰ ما أردنا نقلـه من «تاج الـعروس».
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 7 وعن «الـلسان»: عبد عبادة ومعبداً ومعبدة: تألّـه لـه. انتهیٰ.
وفی الأخر: عبادة وعبودة وعبودیّـة: طاع لـه وخضع وذلّ وخدمـه والـتزم شرائع دینـه ووحّده. انتهیٰ.
وقد اشتهر بین أبناء الـعصر: أنّ الـعبادة مرادف کلمـة «پرستش» فی الـفارسیـة، وهذا ـ حسب مراجعـة الـلغـة وموارد الاستعمال ـ غلط، فإنّ فی الأخبار الـواردة عن طرق أهل الـبیت ـ علیهم الـصلاة والـسلام ـ استعمال هذه الـکلمـة فیما لا یناسب ذلک، مثل أنّ الـتفکّر عبادة، أو أنّ اللّٰه تعالیٰ ما عُبد بشیء أکثر من الـبداء؛ حسب الـنقل بالمعنیٰ وغیر ذلک.
فیعلم: أنّ الـعبادة معناها الأعمّ من الـتذلّل فی الـقویٰ الـباطنیّـة والـروحیّـة والـفکریّـة، ومن الـتخضّع والـتذلّل الـبدنی وفی الـقویٰ الـظاهرة، وکلّما کانت الـذلّـة والـتخشّع أکثر وأشدّ کانت الـعبودیّـة کذلک.
فبحسب الـلغـة وإطلاق الـعابد علیٰ عَبَدة الأوثان والأصنام وعلیٰ عَبَدة الإنسان، نستکشف أنّ حقیقـة الـمعنیٰ الـلغوی کان نفس الـخضوع؛ وإن صارت الـلغـة منصرفـة إلـیٰ الـخضوع الـخاصّ والـخشوع الـمعیّن، ولا یقال لـکلّ خضوع وذُلّ: عبادة عندنا، فلیتأمّل.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 8