المسألة الثانیة
تناسب الآیة للإمامة
قال الـفخر: قولـه تعالیٰ: «إِهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِیمَ * صِرَاطَ الَّذِینَ أَنْعَمْتَ عَلَیهِمْ» یدلّ علیٰ إمامـة أبی بکر؛ لأنّا ذکرنا أن تقدیر الآیـة هکذا: اهدِنا صراط الـذین أنعمت علیهم، واللّٰه تعالیٰ قد بیّن فی آیـة اُخریٰ: أنّ الـذین أنعم علیهم من هم فقال: «فَأُولَـٰئِکَ مَعَ الَّذِینَ أَنْعَمَ اللّٰهُ عَلَیْهِمْ مِنَ النَّبِیِّینَ وَالصِّدِّیقِینَ»، ولا شبهـة فی أنّ رأس الـصدّیقین ورئیسهم أبو بکر، ولو کان أبو بکر ظالماً لـما جاز الاقتداء بـه. انتهیٰ بتلخیص منّا.
ومن الـعجیب ـ وإن کان لـیس من مثلـه بعجیب ـ أنّ حبّ الـشیء یُعْمی ویُصِمّ، فأنت تریٰ أنّـه کیف أدخل مقدّمـة خارجیّـة مفروغـة عنده فی إتمام الاستدلال بالآیـة الـشریفـة، وسیظهر لـلقارئین الـکرام فی ذیل بعض الآیات الـمناسبـة أنّ مسألـة الـولایـة کمسألـة الـنبوّة من الـمسائل الـکلّیّـة الـعقلیّـة، ولا یمکن بناء الاعتقادات الـجازمـة علیٰ الأدلّـة الـلفظیّـة
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 201 الـسمعیّـة. نعم هذه الأدلّـة تؤیّد الـبراهین الـعقلیّـة؛ إذا کانت الأدلّـة الـلفظیّـة الـصریحـة موقفها الـتأیـید، فکیف بمثل هذه الأراجیف والأباطیل؟!
ولَعَمری إنّـه لـو أسقط مثل هذا الاستدلال کان أولیٰ وأحسن؛ لـما یُستظهر منـه أنّ مبنیٰ اعتقاداتهم علیٰ هذه الـدلائل الـواهیـة والـبراهین الـفاسدة، ولو صحّ هذا الـنحو من الاستدلال لـصحّ الاستدلال بجمیع الآیات والـکبریات الـکلّیّـة علیٰ خلافـة کلّ موجود؛ لأنّ من انضمام اعتقاد الـمستدلّ إلـیٰ صُغْریات تلک الـکُبْریات یتمّ الاستدلال.
مثلاً: من یعتقد بأنّ یزید بن معاویـة من الأنبیاء، یستدلّ بهذه الآیـة: إنّ الـمسؤول عنـه بقولـه: «اهدِنا صراط الـذین أنعمت علیهم» هو صراط یزید بن معاویـة لأنّـه من الـنبیّـین قطعاً ... وهکذا.
فعلیٰ هذا فلْیضحکوا قلیلاً ولْیبکوا کثیراً علیٰ الـدلیل والـمستدل.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 202