عودة إلیٰ حکم العقل والعقلاء ببطلان عقد المکره
ثمّ إنّ فی الـمقام (إن قلت قلتات) حول حدیث الـرفع، ولکنّها ممّا لا حاجـة إلـیها؛ لأنّ ما هو الـدلیل الـوحید حکم الـعقل والـعقلاء بعدم نفوذ هذه الـتجارة، کما أنّ عدم رفع بعض الآثار الـوضعیّـة أیضاً لحکمهم؛ ضرورة
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب البیع (ج.۱)صفحه 329 أنّ الـنجاسـة الآتیـة من قبل الـفعل الـمکرَه علیـه، لیست من الآثار الـمربوطـة بالـشرائع حتّیٰ ترفعها الـشریعـة الإسلامیّـة، ولا من الآثار الـمعتبرة عند الـعقلاء؛ حتّیٰ یحکموا بعدم اعتبارها عند الإکراه، والـخباثـة الـحدثیّـة عندهم کالـنجاسـة، ولتفصیل الـمسألـة مقام آخر، فتدبّر.
إن قلت: استناد فعل الـمکرَه إلـی الـمکرِه فی الأفعال الـتسبیبیّـة ـ کالـبیع والـشراء - غیر واضح، بل الـظاهر خلافـه، فلابدّ من أن یقال باشتراط کون الإرادة غیر مسبوقـة بإکراه الـمکرِه؛ بمعنیٰ أنّـه لا یکون من مبادئ وجودها، الإکراه والإجبار وقهر الـقاهر والـجائر.
قلت: الأمر بحسب حکم الـعقل کما مرّ واُشیر إلـیـه؛ لأنّ الإرادة معلولـة نفس الـمکرَه، إلاّ أنّ الـعرف هنا یریٰ إرادة الـسبب کإرادة الـموکِّل؛ فی کونها أقویٰ فی صدور الـفعل من إرادة الـمباشر، فالـوکیل وإن هو الـمبدأ الـواقعیّ لصدور الـفعل والـبیع، ولکنّ إرادتـه معلولـة الإرادة الاُخریٰ.
ویشهد لعرفیّـة هذا؛ ذهاب الـمحقّقین فی إرادة الـمقدّمـة إلـیٰ ترشّحها من إرادة ذی الـمقدّمـة، غافلین عن امتناع هذا الـترشّح، إلاّ أنّ الأمر عرفیّ؛ لأنّ الـمبادئ الـمتخلّلـة - لکثرة سرعـة الـنفس، وشدّة قدرتها علیٰ إحضارها - مغفول عنها.
هذا مع أنّ قضیّـة اشتراط عدم کون الإکراه من مبادئ الإرادة، بطلان بیع من اُکره علیٰ تسلیم شیء لا یتمکّن منـه إلاّ ببیع داره، مع أنّـه لا یمکن الالتزام بـه، ولا یلتزم قائلـه بذلک.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب البیع (ج.۱)صفحه 330