تذنیب : حول نفی الدلیلین للثالث
لعلّک عرفت بما لا مزید علیه حال الدلیلین کلّ مع الآخر ، فهل مقتضی ذلک سقوط أصالة الإطلاق بالنسبة إلی جمیع الجهات حتّی بالنسبة إلی نفی الثالث ، أو یکون محفوظاً من جهته ، فلو احتمل دخل شیء فی موضوع وجوب القصر مثلاً ؛ وأنّ الموضوع له مرکّب من جزءین : أحدهما : خفاء الجدران ، والآخر خفاء الأذان ، أو احتمل العلّیة التامّة لشیء آخر ؛ وأنّه عدل لخفاء الجدران وخفاء الأذان فی ترتّب وجوب القصر علیه ، فهل یصحّ التمسّک بإطلاقهما لنفیه ، أم لا؟
وبالجملة : هل یدلّ الدلیلان علی عدم مدخلیة شیء آخر شریکاً معهما ، أو عدیلاً لهما ، أم لا؟ أو فیه تفصیل .
التحقیق : أن یفصّل بین ما لو استفیدت العلّیة التامّة والانحصار من الوضع أو من الانصراف ، وبین ما لو استفیدا من الإطلاق ومقدّمات الحکمة ، فعلی الأخیر یمکن استفادة نفی الثالث دون الأوّلیین ؛ وذلک لأنّه لو استفیدت العلّیة التامّة من الوضع ، فحیث إنّ الباب باب استعمال اللفظ فی المعنی الموضوع له ، فالمفروض رفع الید عنه ، ولا دلیل علی عدم مدخلیة شیء آخر ، وکذا لو استفیدا من الانصراف ، فإنّه لو رفع الید عن المعنی المنصرف إلیه ، لا یکاد یمکن نفی مدخلیة شیء آخر .
وبالجملة : لو استفیدت العلّیة التامّة والانحصار من اللفظ أو الانصراف ، فلا یصحّ التمسّک بإطلاقهما لنفی الثالث ؛ بداهة أنّه بعد رفع الید عن ظهورهما
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 240 بالتعارض رأساً والعلم بالتقیید فی الجملة ، لا یبقی ما به ینفی الثالث ؛ لأنّه لیس للظهور مراتب حتّی یبقی بعض مراتبه بعد رفع الید عن بعضها الآخر .
وأمّا لو استفیدا من الإطلاق ومقدّمات الحکمة ، فیمکن استفادة نفی الثالث ؛ لأنّه إذا کان المولی فی مقام البیان ، یکون مقاله حجّة ما لم تقم قرینة علی خلافه ، ومع القرینة ترفع الید عن الإطلاق بمقدارها فقط .
وبالجملة : یستفاد من الإطلاق أنّه لا شریک له ولا بدیل ، وبطروّ القید علیه ترفع الید بمقداره بخصوصه ، فإذا شکّ فی مدخلیة شیء آخر شریکاً أو عدیلاً أمکن نفیه بالإطلاق ، فتدبّر .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 241