إشکال اتحاد المقرّب والمبعّد
وأمّا حدیث کون المبعّد مقرّباً والمقرّب مبعّداً ، فلعلّ الإشکال من جهته أقوی من الإشکال فی الجهات السابقة ، ولذا تری بعضهم مع قوله بالجواز ، أشکل فی صحّة الصلاة فی الدار المغصوبة من هذه الجهة .
ولکنّ الذی یقتضیه النظر ، هو عدم تمایز هذه الجهة مع أخواتها إشکالاً وجواباً ، فجمیعها ترتضع من ثدی واحد ؛ وذلک لأنّ معنی کون شیء مقرّباً ، هو وجود جهة حسن وصلاح فیه ، ومعنی کونه مبعّداً هو وجود جهة قبح وفساد فیه ، فالمقرّبیة والمبعّدیة ـ کالمحبوبیة والمبغوضیة ـ من الوجوه والاعتبارات العقلائیة والاُمور الانتزاعیة الدائرة مدار الجهات والاعتبارات التی یمکن اجتماعها فی شیء واحد بجهات مختلفة ، ولیست من قبیل الأعراض الحقیقیة الخارجیة الموجبة لامتناع اتصاف الموضوع إلاّ بواحد منها .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 92 وبالجملة : المقرّبیة والمبعّدیة من الوجوه والاعتبارات التی یمکن اجتماعها فی شیء واحد بجهات مختلفة ؛ ضرورة أنّ العقل یدرک الفرق بین من ضرب ابن المولی فی الدار المغصوبة ، وبین من أکرمه فیها ، فحرکة الید لإکرام ابن المولی من جهة أنّها إکرام له ، محبوبة وصالحة للتقرّب إلی المولی ، وهی من جهة أنّها تصرّف فی مال الغیر ، مبغوضة ومبعّدة عن المولی . وکذا مسّ رأس الیتیم فی الدار المغصوبة من جهة أنّه رحمة بالیتیم ، حسن وذو مصلحة ، ومن جهة أنّه تصرّف فی مال الغیر قبیح وذو مفسدة .
فالحرکة الصلاتیة فی الدار المغصوبة من جهة أنّها مصداق للصلاة ، محبوبة ومقرّبة منه تعالی ، ومن جهة أنّها مصداق للتصرّف العدوانی فی مال الغیر ، مبغوضة ومبعّدة عنه .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 93