إیقاظ : فی الفرق بین التأکید فی المقام وسائر الموارد
ولیعلم : أنّ حمل الأمر الثانی فی المقام علی التأکید ، غیر التأکید المبحوث عنه فی سائر الموارد ؛ وذلک لأنّه ربما یکرّر البعث لأهمّیة فی الموضوع لئلاّ یغفل المأمور ویتقاعد عن إتیانه ، فالبعث الثانی صادر عن مبدأ البعث الأوّل ، بل ربما یصدر بعث ثالث ، ولکنّ البعثین صادران عن مبدأ صدر منه البعث الأوّل ، فیعتبر وینتزع من البعث الثانی أو الثالث أنّه تأکید للبعث الأوّل ، ولیس لهذه البعوث إلاّ ملاک واحد مهمّ .
ولکن لیس المقام کذلک ، لأنّ تکرّر البعث فی المقام ، لیس لدفع الغفلة والتساهل والتقاعد عن إتیانه ، بل لتکرار المناط والسبب ؛ بداهة أنّ إیجاب الوضوء
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 171 فی إحدی القضیتین مسبّب عن النوم، وفی الاُخری مسبّب عن البول، والبعث المتعلّق بالوضوء بسببیة النوم ، غیر البعث المتعلّق به بسببیة البول ، ولکلّ منهما مناط یخصه .
نعم ، حیث إنّ المسبّب من کلّ منهما ماهیة واحدة ، فتتأکّد إرادة الأمر بالنسبة إلی إیجابها . وبعبارة اُخری : إذا کان متعلّق الجزاء ماهیة قابلة للتکرار ، فإن اقتضی مناطٌ تعلّق البعث بماهیة ، واقتضی مناط آخر تعلّق بعث آخر بنفس الماهیة ، فمقتضی أصالة الإطلاق فی ناحیتی الشرط والجزاء ، هو کون کلّ من المناطین مستقلاًّ وتامّاً فی إیجاب الماهیة القابلة للتکرار ، فلو أحرزنا وحدة المتعلّق فیجتمع فیه المناطان ، ویستکشف أنّ الإرادة هناک أتمّ وأکمل ؛ لوضوح أقوائیة اجتماع المناطین وأکملیته فی مورد من صدق مناط واحد هناک .
فظهر : أنّ التأکید فی المقام غیر التأکید فی سائر المقامات ، فلا یکون البعث الثانی صادراً عن مناط ما صدر عنه البعث الأوّل بلحاظ أهمّیته ، ولدفع الغفلة والنسیان والتقاعد عنه ، کما هو الشأن فی غیره ، بل لکلّ منهما ملاک ومناط یخصّه ، فلم یکن التأکید فی المقام مثل التکرار فی سائر الموارد ، فإذن لا یکون البعث الثانی بداعی التأکید ، فتدبّر .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 172