المورد الأوّل : فی مقتضی الأصل فی المسألة الاُصولیة
لو شککنا فی دلالة النهی أو کشفه عن الفساد ، فلا یوجد أصل یعتمد علیه ؛ لا فی الملازمة بین النهی والفساد ، ولا فی دلالة النهی وکشفه عن الفساد :
أمّا عدم الملازمة ؛ فلعدم العلم بالحالة السابقة ، وعلی تقدیرها لم یکن موضوعاً ذا أثر ؛ سواء قلنا فی باب الملازمات ـ کما قیل ـ بأنّها اُمور أزلیة علی نحو مساواة زوایا المثلّث الثلاث للزاویتین القائمتین ، أو قلنا بأنّها اُمور لازمة عند تحقّق المتلازمین :
أمّا علی أزلیة الملازمات فواضح ؛ لأنّه لم تکن الملازمة بین النهی والفساد ،
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 155 حالة متیقّنة سابقاً ، ولو کانت لها حالة سابقة متیقّنة لما ترتّب علیها الأثر الشرعی ، فلا یجری الاستصحاب ؛ لعدم کون الملازمة موضوعاً لحکم شرعی .
وأمّا علی القول بکون الملازمة عند وجود المتلازمین ؛ فلأنّ عدم الملازمة ـ بالسلب التحصیلی ـ عند عدم وجود النهی وإن کان متیقّناً ، کما أنّ عدم النهی والفساد متیقّن ، ولکنّ استصحاب اللیس التامّ لإثبات اللیس الناقص ـ أی إثبات عدم ملازمة النهی للفساد ـ یکون مثبتاً .
وبالجملة : النهی والفساد والملازمة بینهما عند عدم النهی ، مسلوب بالسلب التامّ ، ولکنّ إثبات السلب الناقص للنهی بعد وجوده مثبت .
أضف إلی ذلک : أنّ الملازمة لم تکن موضوعاً لحکم شرعی ، فلا یجری الاستصحاب .
وأمّا عدم الدلالة والکشف ، فقد یتوهّم أنّ اللفظ قبل وضعه لم یکن دالاًّ وکاشفاً عن الفساد ، فیشکّ فی انقلابه بعد الوضع ؛ فی دلالته وکشفه عن الفساد .
ولکنّه ساقط ؛ لأنّه قبل الوضع وإن لم یکن دالاًّ وکاشفاً ، إلاّ أنّه لم یکن إلاّ حرفاً مقطّعاً ، وعند عروض الترکیب له إمّا وضع لما یستفاد منه الفساد أو لغیره ، فلا حالة سابقة له بنحو الکون الناقص .
واحتمال : أنّ عروض الترکیب لطبیعی اللفظ فی ذهن الواضع ، کان قبل الوضع والدلالة زماناً ، أو أنّ الدلالة تحقّقت بعد الوضع زماناً ، وإن یدفع ما ذکرنا ، فیکون له حالة سابقة ، إلاّ أنّه لا یکاد یجری الاستصحاب ؛ لعدم کونه موضوعاً لذی حکم شرعی ، لعدم ترتّب الأثر فی لسان الشرع علی عدم دلالة هذه اللفظة علی الفساد ، کما لم یترتّب الأثر علی عدم الملازمة بین هذه اللفظة والفساد .
فقد ظهر : أنّه لیس فی المسألة الاُصولیة أصل یعتمد علیه فی صورة الشکّ .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 156