الأمر الثالث فی احتیاج المقیّد ـ کالمطلق ـ إلی مقدّمات الحکمة
لا یخفی : أنّه کما نحتاج فی إثبات کون المطلق تمام الموضوع للحکم ، إلی مقدّمات الحکمة ، فکذلک نحتاج فی إثبات کون المقیّد تمام الموضوع ، إلی التشبّث بذیل مقدّمات الحکمة ؛ لأنّ المقنّن الحکیم ـ بل کلّ مولی خبیر ـ إذا کان فی مقام ضرب القاعدة وبیان تمام ما یکون دخیلاً فی موضوع حکمه ، فإن أخذ الطبیعة اللابشرط موضوعاً لحکمه بلا قید ، یستکشف من ذلک أنّ ما تعلّقت به إرادته الجدّیة هو نفس
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 331 الطبیعة بلا قید ، ولذا یصحّ الاحتجاج به من کلّ من المولی وعبده ، وهکذا الحال فیما لو انضمّ إلیها قید ، کما لو ضمّ إلی الرقبة صفة الإیمان وقال : «إن ظاهرت فأعتق رقبة مؤمنة» فإنّه یتشبّث بذیل مقدّمات الحکمة ؛ بتقریب أنّ من یکون بصدد بیان تمام ماله دخل فی موضوعیته للحکم ولم یقیّده إلاّ بقید الإیمان مثلاً ، فمقتضی الإطلاق عدم اعتبار قید آخر .
والسرّ فی ذلک : هو أنّ الإطلاق والتقیید إضافیان ؛ فربّ شیء یکون مطلقاً بالنسبة إلی شیء ، ومقیّداً بالإضافة إلی آخر .
ولا یخفی : أنّ اتصاف الرقبة بالإیمان ، لا یوجب مجازیة واستعمالاً للّفظ فی غیر ما وضع له ، بل استعمل کلّ من «الرقبة» و«المؤمنة» فیما وضعت له ، وباتصاف الرقبـة بالإیمان یستفـاد کون الموضـوع متقیّـداً بالإیمان بدوالّ ثلاثـة ومدلولات کذلک : الرقبـة ، المؤمنـة ـ ومدلولهما واضح ـ الهیئـة الدالّة علی التوصیف ، فغایـة ما هناک ـ بعـد طروّ القید ـ هو أنّه لم تکن نفس الرقبة مرادة بالإرادة الجدّیة ، بل هی مقیدة بالإیمان مرادة .
فظهر : أنّ مصبّ الإطلاق کما یصحّ أن یکون نفس الطبیعة بالنسبة إلی القیود اللاحقة بها ، فکذلک یصحّ أن تکون الطبیعة المتقیّدة بقید خاصّ بالنسبة إلی قیود اُخر ، بل یصحّ أن یکون الفرد بلحاظ حالاته مصبّاً للإطلاق .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 332