حکم دوران الأمر بین العموم الاستغراقی والمجموعی
أفاد المحقّق النائینی قدس سره : «أنّه لو کانت هنا قرینة علی أنّ المراد هو الاستغراقی أو المجموعی فهو ، وإلاّ فمقتضی الأصل اللفظی الإطلاقی هو الاستغراقیة ؛ لأنّ المجموعیة تحتاج إلی عنایة زائدة ؛ وهی لحاظ جمیع الأفراد علی وجه الاجتماع وجعلها موضوعاً واحداً» .
ثمّ صرّح : «بأنّه لا فرق فی ذلک بین أقسام العموم ؛ سواء کان العموم مدلولاً اسمیاً للأداة ، کـ «کلّ» وما شابهها ، أو حرفیاً ، کالجمع المحلّی باللام ، أو سیاقیاً کالنکرة فی النفی ، فلو شکّ فی المراد فی واحد منها من حیث الاستغراقیة والمجموعیة ، فمقتضی الأصل حمله علی الاستغراقیة» .
ثمّ بعد کلام قال : «ربما یتوهّم : أنّ العموم المستفاد من الجمع المحلّی باللام والأسماء المتضمّنة للمعانی الحرفیة ـ کأسماء الاستفهام والشرط ـ یقتضی المجموعی ؛ لأنّ مدخول اللام ـ وهو الجمع ـ لا ینطبق علی کلّ فرد فرد ، بل ینطبق علی جماعة
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 348 جماعة من الثلاثة فما فوقها ، وغایة ما یستفاد من اللام هو أقصی مراتب الجمع التی تنطوی فیه جمیع المراتب مع حفظ معنی الجمعیة ، فاللام توجد معنی فی المدخول کان فاقداً له ، وذلک یقتضی العموم المجموعی ، لا الاستغراقی» .
فردّه قدس سره بما حاصله : أنّه لا مجال للتوهّم المذکور إلاّ إذا اُحرز أنّ لحوق أداة العموم ـ من الألف واللام ـ متأخّر عن ورود أداة الجمع من الألف والتاء ، أو الواو والنون علی المفرد ، ودون إثباته خرط القتاد ، بل ورود أداة العموم وأداة الجمع علی المفرد ، إنّما یکون فی مرتبة واحدة ، فالألف واللام تدلّ علی استغراق أفراد مدخولها ؛ وهو المفرد ، غایته أنّه لا مطلق المفرد حتّی یقال : إنّ المفرد المحلّی باللام لا یفید العموم ، بل المفرد الذی ورد علیه أداة الجمع عند ورود أداة العموم ، فأداة العموم تدلّ علی الاستغراق الأفرادی علی نحو الانحلال ، فتأمّل ؛ فإنّ المقام یحتاج إلی بیان آخر .
وفیه : أنّ ما أفاده قدس سره لا تخلو من إشکال ، ولعلّه أیضاً متفطّن له ، ولذا أمر أخیراً بالتأمّل ؛ وذلک لأنّه یتوجّه علی ما ذکره اُمور :
فأوّلاً : أنّ الشکّ فی الاستغراقیة والمجموعیة راجع إلی الشکّ فی المعنی اللغوی ، ومقتضی ذلک التوقّف ، لا التمسّک بأصالة الإطلاق لإثبات الاستغراقیة ، کما زعمه قدس سره.
وثانیاً : أنّه قدس سره سلّم استفادة المجموعیة من الجمع المحلّی باللام علی وجه ؛ وهو ما إذا کان ورود أداة العموم متأخّراً عن ورود أداة الجمع ، مع أنّ الجمع لا یدلّ علی الاجتماع؛ فإنّه فرق بین «علماء» و«ثلاثة» و«أربعة» . . . وهکذا ، فإنّ «ثلاثة» مثلاً لفظة واحدة تدلّ علی معنی واحد ؛ وهی طبیعة الثلاثة ، فتکون الوحدات المأخوذة
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 349 فیها علی نعت الأجزاء ، بخلاف الجمع ، فإنّه یدلّ علی الکثرة علی أنّها هـذا ، وذاک ، وذلک ، فینطبق علی ثلاثة علماء ، وأربعة علماء . . . وهکذا .
وبالجملة : لم تؤخذ الوحدات فی الجمع أجزاء کما اُخذت کذلک فی «الثلاثة» فإذن لو دخل علی الجمع لام التعریف یفید أفضل مراتب الجمع ؛ وهو جمیع الأفراد ، فتدبّر .
وثالثاً : لو سلّم أنّ الجمع یدلّ علی الاجتماع والجمعیة ، ووردت أداة الجمع والعموم فی رتبة واحدة علی الفرد ، فلأیّ سبب وعلّة ترفع الید عن مفاد الجمع بطروّ الألف واللام؟! فلو اقتضی اللام الاستغراق یلزم التناقض فی الموارد ؛ فإنّ الجمع یدلّ علی الاجتماع ، واللام تفید تکثیر مدخولها ، فتدبّر .
هذا کلّه فیما یتعلّق بمقدّمة مبحث العامّ والخاصّ . فإذا تمهّد لک الاُمور فیها ، فالکلام فی مقصد العامّ والخاصّ یقع فی مباحث :
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 350