دفع الإشکالات الواردة علی القول بجواز الاجتماع
بقی فی المقام إشکالات من حیث إنّ مقتضی القول بجواز الاجتماع ، لزوم کون شیء واحد مراداً ومکروهاً ، أو محبوباً ومبغوضاً ، وذا مصلحة ملزمة ومفسدة کذلک ، أو مقرّباً ومبعّداً . وحیث إنّ تقریب الإشکال فیها علی نسق واحد ، فلا نحتاج لتقریب الإشکال علی کلّ واحد منها علی حدة ، فنقرّر الإشکال علی وجه واحد ،
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 83 ونشیر إلی کلّ من الجهات ، فالإشکال فی الحقیقة إشکال واحد ذو شعب متعدّدة .
فنقول : لا إشکال لدی عقل کلّ ذی مسکة ، فی أنّ الذی تتعلّق به الإرادة والکراهة والحبّ والبغض ، ما هو الموجود خارجاً ؛ بداهة أنّ التفّاح الخارجی أو الماء الخارجی ، یکون مراداً محبوباً ، ویبذل المال لتحصیله ، لا عنوان «التفّاح» ، أو «الماء» لأنّ الذی یفرح القلب هو التفّاح الخارجی ، وکذا الماء الخارجی یروی العطشان ، لا عنوانهما ، وکذا الخمر الخارجیة تکون مکروهة ومبغوضة ؛ لأنّها تخمّر العقل وتزیله ، لا عنوانها ، فالمراد والمحبوب فی المثال هو الصلاة الخارجیة لا عنوانها ، والمکروه والمبغوض هو الاستیلاء أو التصرّف الخارجیان فی مال الغیر بغیر رضاه ، لا عنوانهما ، وهکذا ، فلازم القول بالجواز تعلّق الإرادة والکراهة والحبّ والبغض بشیءٍ واحد .
وکذا فإنّ الموجودات الخارجیة ذوات صلاح وفساد ، لا عناوینها ، وکذا فإنّ المقرّب والمبعّد هو الموجود الخارجی ، فإنّ الصلاة التی هی قربان کلّ تقی أو معراج المؤمن أو الناهیة عن الفحشاء ، إنّما هی الموجودة خارجاً ، وهی التی بإتیانها یتقرّب العبد لمولاه ، لا عنوانها والتصرّف الخارجی فی مال الغیر بغیر رضاه ،
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 84 ذو مفسدة ومبعّد عن ساحة المولی تعالی ، لا عنوانه . . . إلی غیر ذلک من الأمثلة ممّا هو ظاهر بأدنی تأمّل .
فإذن الحرکة الخارجیة ـ من القیام ، والرکوع ، والسجود مثلاً ـ إذا کانت تصـرّفاً فـی مال الغیـر بغیـر رضـاه ، تکون مکروهـة ومبغوضـةً ، وذات مفسـدة ، ومبعّدة عن ساحة المولی تعالی ، فکیف تکون الحرکة الکذائیة مرادةً ومحبوبةً ، وذات مصلحة ، ومقرّبة إلی ساحته تعالی؟! ولذا تری أنّ بعض القائلین بجواز اجتماع الأمر والنهی ، قائل ببطلان الصلاة فی الدار المغصوبة ؛ من جهة أنّ المبعّد لا یکون مقرّباً .
ولعلّه یمکن للمستشکل أن یوسّع نطاق الإشکال ویجریه فی مبادئ الإرادة والکراهة من التصوّر ، والتصدیق ، والشوق . هذا حاصل الإشکال بشعبه .
وأمّا الجواب عن الإشکال فنقول من رأس : أمّا التصوّر والتصدیق ، فمن الواضح أنّ المقنّن والآمر والناهی عند أمره أو نهیه ، یتصوّر شیئاً ، ومن المعلوم أنّ المتصوّر من کلّ منهما غیر الآخر ، فیکون مورد التصدیق بالمصلحة غیر مورد التصدیق بالمفسدة ، وهکذا الأمر بالنسبة إلی الاشتیاق ، وقد سبق أنّه عند تصوّر العنوان لا ینقدح خصوصیات المصادیق ، بل یری أنّ نفس العنوان بذاته فی الخارج ، محصّل لغرضه ، فیتصوّره ، ویصدّق بفائدته ، ویشتاق إلیه أحیاناً .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 85