الوجه الرابع
حول خلود اللّذات فی الجنّة
إنّ هذه الآیـة استوعبت جهات اللذّات الـمتعارفـة الـمحتاج إلـیها نوعاً، کالـمسکن والـمطعم والـمناکح مع الـتأبید والـتخلید، مشتملـة علی جهات الـحشر مع الأزواج الـمطهّرة، وأنّ الـولدان والـخدام یطوفون علیهم، ولایشقّ علیهم ولایتعبهم هذه الاُمور کلاًّ؛ لأنّ الـرزق یجیئهم من قِبَل الـفرّاشین والـخدمـة. نعم الآیـة غیر معترضـة لخصوصیـة الـمسکن وکمالـه، إلاّ أنّ ذکر الـکمال الأعلیٰ یستلزم الـکمالات الـمتوسطـة والأدنیٰ طبعاً، فالـجنّـة الـمذکورة مفروشـة، وفیها زرابیّ مبثوثـة، وفرش مرفوعـة، وغیر ذلک.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 40 ثمّ إنّ من الـجهات الـمستلذّ بها دوام الأکل وتسلسل الـخدم وتعاقب الـولدان بإتیان الـثمرات والـفواکـه، وإلـیـه اُشیر أیضاً فیها بقولـه: «وَ أُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً»، ویحتمل کون الآیـة بصدد إشعارهم بأنّ ما فی الـجنّـة لیس یشبـه ما فی الـدنیا إلاّ فی الـتشابـه الـموجب لاشتباههم، فیقولون: «هَذَا الـَّذی رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ»، وهو اشتباه بل «أُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً» لما هو الـرزق فی الـدنیا، وفی الآیـة احتمالات اُخر تأتی فی محالّها إن شاء اللّٰه تعالیٰ.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 41