المسألة الثالثة
تکلیـف العاجـز
اختلفت آراء علماء الـکلام والاُصول فی جواز تکلیف الـعاجز بما لایطاق ولا یقدر علیـه، واستدلّ بعضهم بهذه الآیـة علیٰ جوازه؛ ضرورة أنّ الـملائکـة عاجزون عن الإنباء بالأسماء، وهو تعالـیٰ عالـم بذلک.
وقول الـفخر وغیره: إنّها للتبکیت والاعتراف بالـعجز؛ بشهادة قولـه تعالـیٰ: «إِنْ کُنْتُمْ صَادِقِینَ»، غیر تامّ، بل ظاهر قولـه تعالـیٰ أیضاً هو الـشکّ والـشبهـة کما مرّ، مع أنّـه یشهد علیٰ جواز الـتکلیف الـمذکور ویؤکّده.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 325 والـذی هو الـحقّ: أنّ هیئـة الأمر لـیست موضوعـة للتکلیف، بل هی موضوعـة للبعث والإغراء والـتحریک الاعتباری، وإنّما الـکُلفـة وغیرها مستفادة من الاُمور اللاحقـة بالـکلام، الـخارجـة عن حدود دلالـة الأمر والـنهی وصیغتهما.
هذا، وقد عرفت أنّـه لا یستفاد من هذه الآیات جهالـة الـملائکـة؛ لإمکان اطّلاعهم علیٰ عدم جواز إبراز الـعلم فی هذه الـساحـة. نعم تبقیٰ الـدلالـة علی حالـها.
والـجواب ما اُشیر إلـیـه، ولا شبهـة أنّه یعلم من الـقرائن أنّ الامر هنا لـیس موضوعاً لاستفادة الـتکلیف منـه.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 326