تنبیه: حول کون حرمة الظلم نفسیّة أو تبعیّة
ربّما یُستظهر من فاء «فَأَزَلَّهُمَا» أنّ الـمبغوض واللامطلوب للمولیٰ الـعزیز الـکریم لـیس الـظلم بما هو هو، بل هو مبغوض لـرجوعـه إلـیٰ الإزلال؛ لـظهور هذا الـفاء أیضاً فی الـتفریع والـتعلیل، دون الـعطف کما قد یتوهّم، بل یستفاد من فاء «فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا کَانَا فِیهِ» وهی الـسعادة، أنّ جمیع هذه الاُمور مبغوضـة بالـعرض؛ لانتهائها إلـیٰ الإخلال بالـمحبوب الـذاتی والـواجب الـفقهی، وهو الـحِفاظ علیٰ الـسعادة، فلو کان الـظلم فی الأوّل منتهیاً إلـیٰ الإزلال، وهو أیضاً من الظلم بالنفس، مع تجویز تدخّل الشیطان فی شؤون خلیفة الله وصفوة الإلٰه، ببسط یده وتسلیطه علیٰ ما لاینبغی، والإزلال الـمذکور ینتهی إلـیٰ الـخروج عن الـسعادة، وهو الـظلم الـثالـث الـمعانق أیضاً لـبسط ید الـشیطان، وهو عدوّ اللّٰه وعدوّ خلیفتـه، ولکن کلّ ذلک مورد سخطـه تعالـیٰ وغضبـه؛ للزوم الإخلال، بما هو الـمطلوب الأصلی، وهو سعادة خلیفتـه.
فعلی هذا یشکل استفادة حرمـة هذه الاُمور تشریعاً، وإنّما تُرشد الآیـة الـشریفـة إلـیٰ لـزوم الاتّصاف بالـسعادة الـمنتهیـة إلـیٰ الـجنّـة ودوامها؛ کی لایخرج منها بالإزلال الـمسبّب عن الـظلم، الـمسبّب عن الـتخلّف عن الـنهی؛ بارتکاب الأکل والانتفاع من الـشجرة الـمنهی عنها، الـخبیثـة الـتی اجتُثّت من فوق الأرض ما لـها من قرار.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 449