البحث الرابع
حول حقیقة تعلّم النفس
فی قولـه تعالـیٰ: «وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ» بعد حذف الـمعلوم، دلالـة علیٰ مسألـة عقلیـة خلافیـة بین الـمشّائین والإشراقیـین:
فذهبت الـطائفـة الاُولیٰ إلـیٰ جهالـة الـنفس بدواً، واستکمالـها فی الـحرکـة والـتعلّم بحضور مجالـس أهل الـعلم؛ کی تنال الـحقائق وتدرک الـصور الـعلمیـة بواسطـة الـموجودات الاُخر، وهی موجودة بالـقوّة، وفیـه قوّة الإنسان، وتصیر کاملـة بالـتعقّل والـتفکّر والـتعلّم سمعاً وبصراً...وهکذا.
والـطائفـة الاُخریٰ: ذاهبـة إلـیٰ أنّ الـنفس جامعـة کاملـة شاملـة لـکافّـة الـصور الـعلمیـة والـخیرات الـمجرّدة والـحقائق الـروحانیـة، إلاّ
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 577 أنّها محجوبـة بالـحُجُب الـظلمانیـة، وجاهلـة مع کونها الـوجود الـبسیط الـجامع، وإنّما الـمعلّم والـواسطـة یرفض تلک الـحجب والـوسائط، فیستنیر بنور الـذات الابتداعیـة والـعلم الـموجود بالـفعل الابتکاری، فلا قوّة تخرج إلـیٰ الـفعلیـة ولاجهالـة إلاّ من باب الـجهل بالـعلم، فهو کمال کامل بالـفعل، وجمال جمیل بالـذات، ولا حقّ للمعاهد الـعلمیـة إلاّ من جهـة توجیـه الإنسان إلـیٰ أنّـه عالـم ولایدری، وکامل ولایلتفت إلـیٰ کمالـه.
وقد اختلف الـمفسِّرون فیما هو الـمحذوف هنا؛ غافلین عن احتمال آخر، وهو أنّـه ربّما اُرید الإیماء إلـیٰ أنّهم هم الـعالـمون بالأشیاء کافّـة.
قـد تـمّ الـفراغ فی سَحَـر یوم الـجمعـة عام (1397) شهر جُمـادیٰ الاُولیٰ فی الـنجف الأشرف علیٰ صاحبها آلاف الـتحیّـة والـسلام.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 578