فذلکة الکلام
إنّ القول بالنسخ کان ضعیفاً بین أبناء التحصیل؛ بمعنیٰ أن یکون البیع الغرریّ ذا مصلحة، ثمّ یصیر ذا مفسدة، وأمّا بمعنیٰ أنّ الشرع رضی به لأجل المصالح العالیة السیاسیّة والروحیّة، فإنّه علیه یلزم صحّته وعدم ابتلاء الناس بما لا مصلحة فیه، أو بما فیه بغض المولیٰ ومفسدة المجتمع، وهذا أمر یرتکز علیه العقلاء أیضاً کما لایخفیٰ.
وما ذکرناه یجری فی جمیع العمومات والمخصّصات، والمطلقات والمقیّدات، والمحکومات والحاکمات وغیرها؛ سواء تقدّمت القرائن علیٰ ذیها، أو تأخّرت عنها.
نعم، فی صورة التأخّر لا فرق بین الالتزام بالنسخ أو التخصیص والتقیید بمعناهما الاصطلاحیّ؛ لأنّ اللاّزم هو الأخذ بالمتأخّر الأخصّ، ونتیجته حمل العامّ علی الخاصّ، والمطلق علی المقیّد طبعاً، وأمّا إذا انعکس فالأخذ بالمطلق أو العامّ المتأخّر، أقرب إلی الاُصول العرفیّة والقواعد الصناعیّة.
نعم، إذا لم یکن الفصل بینهما بمزید من الزمان ـ بحیث لایمکن احتمال اقتضاء السیاسة الکلّیة العالیة ذلک ـ کان القول بالحمل قویّاً، وهذا ماهو المعروف فی الاُصول السابقة؛ من أنّ التأخیر عن وقت الحاجة یضرّ بالحمل، فافهم.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 477