الأوّل : التمسّک بحجّیة الخبر مع الشکّ فیالإعراض بنحوالشبهة المصداقیّة
لا إشکال بناءً علیٰ جواز التمسّک فی صورة الشکّ فی الإعراض، بناءً علی القول: بأنّ الإعراض یوجب سقوط حجّیة الخبر، وأمّا بناءً علیٰ عدم جواز التمسّک فیشکل الأمر علی المتأخّرین، فإنّه قلّما یتّفق مورد لایشکّ فی ذلک، فلابدّ عندئذٍ من تصدیق القائلین به؛ ضرورة أنّ أدلّة حجّیة الخبر الواحد تشمل مطلق الخبر، وقد خرج منه الخبر المعرض عنه.
وتوهّم : أنّه من المخصّص اللبّی، فی محلّه، ولکن المرضیّ عند کثیر منهم عدم الفرق بین اللبّی وغیر اللبّی.
هذا مع أنّ قوله علیه السلام : «دع الشاذّ النادر» محمول علی الندرة الفتوائیّة کما یأتی، فتدبّر.
نعم، یمکن دعویٰ : أنّ ما نحن فیه یختلف مع هذا؛ وذلک لأنّ حجّیة الخبر
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 263 الواحد إمضائیّة عقلائیّة، ولا إطلاق لأدلّتها ، ولا ذات لها. ولکنّها أسوأ حالاً؛ لرجوع ذلک إلی أنّ ماهو الحجّة من الأوّل هو العنوان المقیّد، وهو الخبر غیر المعرض عنه، فلو شکّ فی ذلک یلزم سقوطه عن الحجّیة.
نعم، قضیّة ذلک عدم الفرق بین جواز التمسّک بالعامّ فی المقام وعدمه؛ لأنّه فی الحقیقة یرجع إلی الشبهة الموضوعیّة لموضوع الأحکام العقلائیّة.
وهذا نظیر حکم العقلاء بلزوم العمل بالعمومات إلاّ فی العامّ المخصّص، فإذا شکّ فی عامّ أنّه مخصّص أم لا، یلزم سقوطه عن الحجّیة وإن یرجع إلی الشکّ فی التخصیص؛ وذلک لأنّ ماهو الحجّة هو العامّ غیر المخصّص.
والذی هو الأظهر فی أمثال المقام: أنّ الحجّیة أمر عقلائیّ ثابت بحسب حکم العقلاء لکلّ خبر وکلّ عامّ إلاّ بعد ورود الموهن، کالإعراض والتخصیص، وإذا لم یصل الموهن ولم یحرز یکون بناؤهم باقیاً علیه، فتأمّل، وعلیٰ هذا یصحّ أن یقال: بأنّ بناءهم علی العمل بالعامّ إلیٰ أن یحرز عنوان الخاصّ، کما مرّ.
ویمکن دعویٰ إمکان إجراء استصحاب حجّیة الخبر المزبور؛ لأنّ صفة الإعراض تعرضه بعد تحقّقه، وهکذا صفة غیر المخصّصیة بالنسبة إلی العامّ، فلاحظ فی المقام.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 264