الأمر الأوّل : حول المراد من «تداخل الأسباب والمسبّبات»
المراد من «تداخل الأسباب وعدمه» هو أنّه إذا تعدّد الشرط واتحد الجزاء، فهل فی مقام التشریع والجعل یستلزم تعدُّد الشرط تعدّدَ المشروط له، وهل یتعدّد الحکم فی التالی بتعدّد المقدّم، ویتعدّد الإیجاب والجعل بتعدّد السبب المذکور فی المقدّم ، أم لا؟
فإن کان یستلزم تعدّد السبب تعدّد المسبّب والمجعول تشریعاً وجعلاً، فهو یسمّیٰ بـ «أصالة عدم تداخل العلل والأسباب» لأنّ کلّ سبب أثّر فی مسبّبه، واستعقب حکماً یخصّه.
وإن لم یستلزم ذلک، بل یکون السبب المتقدّم مستتبعاً للحکم فی مرحلة التشریع دون التأخّر، أو یستلزمان فی صورة التقارن حکماً واحداً وإیجاباً وحدانیّاً، فهو یسمّیٰ بـ «أصالة التداخل فی الأسباب».
والمراد من «تداخل المسبّبات وعدمه» هو أنّه علی تقدیر القول بتداخل الأسباب؛ وأنّ السبب المتأخّر لایوجب شیئاً، وفی صورة المقارنة یکون المجموع مؤثّراً وسبباً، فلا کلام ولا نزاع فی مقام الامتثال؛ ضرورة کفایة الوجود الواحد والمصداق الفارد.
وأمّا علیٰ تقدیر القول بعدم التداخل فی مرحلة التشریع والجعل، وأنّه یکون الوجوب مثلاً متعدّداً بتعدّد السبب والعلّة، فهل فی مقام الامتثال یکفی أیضاً المصداق الواحد والامتثال الفارد، أم لابدّ من الامتثالات حسب تعدّد الأسباب، فالأوّل یسمّیٰ ب«تداخل المسبّبات» والثانی یسمّیٰ بـ «عدم تداخلها».
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 75 فعلیٰ ما تبیّن واتضح ظهر : أنّ ما یوهمه عنوان الأصحاب رحمهم الله من تداخل الأسباب بما هی أسباب، فی غیر محلّه؛ ضرورة امتناع تداخلها مع الإقرار بالسببیّة المستقلّة، فالمقصود هو تداخل ذواتها فی السببیّة، واجتماعهما فی التأثیر مثلاً.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 76