المبحث الثانی فی صور المخصّص وأحکامها
اعلم : أنّ البحث فی المسألة الاُولیٰ کان حول أنّ نفس التخصیص ـ ولو کان المخصّص لفظیّاً معلوم المراد ومبیّن المفهوم، بل ومتّصلاً ـ هل یستلزم سقوط العامّ عن الحجّیة بالنسبة إلیٰ موارد الشکّ والشبهة؟ وفیما نحن فیه حول أنّ المخصّص إذا کان کذا وکذا، هل یستلزم ذلک، أم لا؟ فلا وجه لدرج أقسام المخصّص اللفظیّ المعلوم المراد فی هذا البحث؛ لدخوله فی المسألة الاُولیٰ، لأنّه القدر المتیقّن منها.
إذا عرفت ذلک فلیعلم : أنّ المخصّص علیٰ أنحاء؛ لأنّه تارة: یکون لفظیّاً مجمل المراد، واُخریٰ: لبیّاً.
وعلی الأوّل : إمّا یکون متّصلاً، أو منفصلاً، أو بصورة الاستثناء.
وعلیٰ کلّ تقدیر : إمّا یکون بنحو الاستغراق، أم بشکل الإطلاق.
مثلاً : تارة یرد قوله «لاتکرم الفسّاق من العلماء» بعد قوله: «أکرم کلّ عالم».
واُخریٰ : یرد قوله «لاتکرم الفاسق منهم» فإنّ الثانی بشکل الإطلاق وإن کان مخصّصاً؛ لما عرفت من أعمّیة الخاصّ من هذه الجهة.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 231 وأمّا درج الشبهة المصداقیّة فی أقسام المخصّص، فهو فی غیر محلّه؛ لأنّه یرجع إلیٰ جهة خارجیّة لا ربط لها بعنوان المخصّص وخصوصیّته، التی توجب أحیاناً سقوط العامّ عن الحجّیة، فلاتخلط، والأمر سهل.
وعلی الثانی : فإمّا یکون اللبّ من قبیل الإجماع، أو من قبیل البناءات العقلائیّة، أو العقل الصریح الواضح، أو من العقل البرهانیّ.
وعلیٰ جمیع التقادیر : إمّا یکون مجملاً، أو معلوم المراد.
وعلی تقدیر الإجمال تارة : یکون الإجمال فی الفرضین من قبیل الأقلّ والأکثر.
واُخریٰ : یکون من قبیل المتباینین.
والذی هو مورد النظر فی هذه الأقسام؛ هو أنّ المخصّصات المزبورة توجب سقوط العامّ عن الحجّیة وإن لم تستلزم المجازیّة، أم لا، وعلیٰ هذا فلابدّ من التعرّض لاُصولها حتّیٰ یتبیّن حال فروعها إن شاء الله تعالیٰ وإلیک نبذة من صورها:
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 232