تذنیب : وفیه فذلکة وجوه منع التخصیص
قد تحصّل ممّا ذکرناه : أنّ للمناقشة فی أصل هذه المسألة وأساسها، وجوهاً ثلاثـة :
أحدها : إنکار وجود العامّ والمطلق فی الکتاب الإلهیّ، وقد مرّ ما فیه.
ثانیها : ما أبدعناه؛ وهو إنکار وجود الخبر الواحد غیر المحفوف بالقرینة فی
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 387 هذه الأعصار، وعدم ثبوت السیرة السالفة علی التخصیص بغیر المحفوف بالقرینة.
ثالثها : إنکار کون الخاصّ مقدّماً علی العامّ بالتخصیص، فإنّه یقدّم علیه بالحکومة؛ وذلک لأنّ دلیل سند الخاصّ ـ ولو کان ضعیفاً ـ قرینة علی التصرّف فی أصالة العامّ، ولا عکس، فلا موقف لتخصیص الکتاب. وأمّا الحکومة علیه فلابأس بها قطعاً.
وفیه ما مرّ فی البحث السابق، وتفصیله فی التعادل والترجیح، وإجماله أنّ الحکومة متقوّمة باللسان، ولا لسان لأدلّة حجّیة السند إلاّ بناء العقلاء عملاً والسیرة العرفیّة. هذا أوّلاً.
وثانیاً : مصبّ المعارضة هی المدالیل والمتون عرفاً، ولایجوز صرف مصبّ التخالف والتکاذب إلی ما یحلّله العقل، ولذلک تریٰ أنّ فی محیط القوانین العرفیّة، لا یلاحظ إلاّ متون القوانین، فلاتغفل.
وثالثاً : لو أمکن أن یکون دلیل سند الخاصّ قرینة علیٰ أصالة العموم، فعکسه ربّما یعدّ أولیٰ لأخصّیته ، فلیتدبّر جیّداً.
ثمّ تحصّل : أنّ للمناقشة فیما اشتهر من جواز تخصیص الکتاب بالواحد المجرّد، وجهاً أو وجوهاً قویّة جدّاً، فلایغرّک الأمر؛ فإنّه نهی عن الغرر، وتبیّن فی خلال البحث إمکان المناقشة بالنسبة إلی السنّة القطعیّة أیضاً، إلاّ أنّ لدعوی الفصل بینها وبین الکتاب وجهاً وجیهاً.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 388