تذنیب : حول إیجاب المخصّص المنفصل لصیرورة الشبهة موضوعیّة باعتبار مقام الثبوت
ربّما یقال : إنّ المخصّص المنفصل وإن لایورث تعنون العامّ إثباتاً وفی مرحلة الإنشاء الجعل، ولکن یورث تضییق المراد وتحدّد الإرادة، وتنتقل الأذهان العرفیّة إلی أنّ المولیٰ أراد کذا وکذا، فتصیر الشبهة موضوعیّة باعتبار مقام الثبوت، دون الإثبات، وهذا ممّا لایمکن إنکاره فی النظر البدویّ.
أقول : قد کنّا فی سالف الزمان مصرّین علیٰ هذا الأمر، ولکنّ التوجّه إلیٰ أطراف القضیّة، مع احتمال کون المخصّص منفصلاً لأجل أمثال ذلک، یوجب أن یقال: بأنّ العامّ یشمل المورد، ویکون کاشفاً عن الإرادة الجدّیة بالنسبة إلیه، فیخرج طبعاً وقهراً عن موضوع الخاصّ حسب الظاهر.
وممّا یؤیّد التمسّک ، التأمّل فی القوانین العرفیّة، فإنّ قانون الخدمة العسکریّة مخصّص بموارد خاصّة ، ومادام لم یحرز عنوان المخصّص یؤخذ المشمول ویستدعیٰ إلی الخدمة من غیر توقّف أو مناقشة ظاهراً.
ثمّ إنّ التفصیل الذی أبدعناه فی الشبهة المفهومیّة غیر جارٍ فی المقام؛ وذلک لأنّ فی الشبهة الحکمیّة یکون الأمر بید الشرع، فیمکن دعویٰ قصور الدلیل والعامّ عن الحجّیة بعد ورود المنفصل الناظر إلیه، وأمّا فیما نحن فیه فلایکون رفع الشبهة بید الشرع، فلو ورد: «لاتکرم الفسّاق من العلماء» بعنوان تحدید الحکم الثابت فی العامّ، ولایکون حکماً نفسیّاً تحریمیّاً، فهو أیضاً وإن یعدّ من تتمّة الکلام
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 262 الأوّل، ولکن لایوجب قصوراً فی حجّیة العامّ بعد وضوح مفاده ومفهومه، وعلیٰ هذا یلزم بناءً علیٰ ما سلکناه عکس ما اشتهر بین المتأخّرین: وهو التمسّک بالعامّ فی الشبهة المفهومیّة، دون المصداقیّة، والله العالم بحقائق الاُمور.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 263