بقی شیء : حول سقوط أصالة الجدّ فی المقام
وهو أنّ إجراء أصالة الجدّ قبل التخصیص فی مورد الشکّ فی الفسق قطعیّ، وأمّا بعد خروج الفسّاق فیشکل؛ لأجل وجود ما یصلح للقرینیّة علیٰ عدم الإرادة الجدّیة فی مورده، وعدم محکومیّته بالحکم الفعلیّ، فإنّ سقوط أصل التطابق وأصالة الجدّ بالنسبة إلیٰ تلک الطائفة، یکفی لأن یکون موجباً لشکّ العقلاء والعرف فی حجّیة العامّ بعد ذلک فی مورد الشبهة، وإذا کان الشکّ فی الحجّیة مستنداً إلیٰ منشأ عقلائیّ فلایمکن إحرازه.
اللهمّ إلاّ أن یقال أوّلاً : بأنّ ذلک غیر واضح، فلابدّ من الأخذ بالظاهر حتّیٰ یثبت خلافه.
وثانیاً : بأنّ قضیّة جریان أصالة التطابق إحراز أنّ زیداً غیر فاسق، فیخرج بذلک عن الشبهة حسب لازم شمول العامّ.
ویمکن دعویٰ : أنّه من الدور؛ لأنّ جریان أصالة الجدّ منوط بالإحراز المنوط بها، فتدبّر فیها.
وبالجملة : تحصّل حتّی الآن؛ أنّ الوجوه المتمسّک بها لإسقاط حجّیة العامّ، ولتحصیل التفکیک بین الظهور والحجّیة، وأنّ أصالة الجدّ لاتجری بالنسبة إلی العامّ فی الشبهة المصداقیّة، کلّها غیر نقیّة حسب الصناعة العلمیّة، وینحصر الوجه بإرجاع تلک الشبهة إلی الشبهة الموضوعیّة بتعنون العامّ، وقد عرفت عدم تمامیّته
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 259 فی المخصّصات الواقعیّة أوّلاً، وفی مطلق التخصیص والتقیید ثانیاً، وفی موارد الحکومة ثالثاً، کما یأتی البحث عنه إجمالاً إن شاء الله تعالیٰ.
ولأجل ذلک وذاک رأیت فی حواشی العلاّمة الإیروانیّ قدس سره إسقاط الحجّیة حتّیٰ فی الشبهة المفهومیّة ، وفی حواشی جدّی العلاّمة ـ مدّظلّه إثباتها حتّیٰ فیما نحن فیه، من غیر اعتناء بما تسالم علیه العقلاء المتأخّرون رحمهم الله.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 260