إیقاظ : حول استفادة المفهوم من الإطلاق
قد عرفت منّا: أنّ استفادة المفهوم علی مسلک المتأخّرین لاتتقوّم بإثبات العلّیة المنحصرة، بل تتقوّم بثبوت الإطلاق، وإذا ثبت الإطلاق المزبور یستفاد منه أمران عرضاً:
أحدهما : أنّ المقدّم علّة تامّة منحصرة.
وثانیهما : المفهوم ، ولایکون المفهوم فی الاستفادة متأخّراً عن الأمر الأوّل حتّیٰ یناط به، فإجراء البحث حول العلّیة المنحصرة، فی غیر محلّه.
وإذا فرض إطلاق فی حدّ ذاته یستعقبه المفهوم أیضاً، ولایجوز قبل أخذ المفهوم قیام المنطوقین أحدهما بالآخر؛ لما لاتهافت بین الإیجابیّات والإطلاق الذی هو رفض القیود أوّلاً وبالذات، بل لایعقل ذلک؛ لأنّها عدمیّات، فما یوجب تهافتهما أحیاناً هو أخذ المفهوم من کلّ واحد منهما، ثمّ عرض المفهوم علی المنطوق الآخر، فإذا جمع بینهما ربّما ینتقل العرف إلی أنّ فی ناحیة المنطوق، وقع تصرّف بورود قید موجب لتوسعته، فافهم واغتنم.
وبالجملة تحصّل : أنَّ تفسیر الإطلاقین بالعلّیة التامّة المنحصرة، یوجب کون المنطوقین متعارضین بالذات، وهو تفسیر غیر صحیح قطعاً؛ إمّا لأجل أنّ مفاد الإطلاق لیس ذلک، أو لأجل عدم تقوّم المفهوم رأساً بإثبات الانحصار متقدّماً علیه، کما عرفت.
ولیعذرنی إخوانی علی الخروج عن الاختصار؛ لما فیه النفع الکثیر وهو حلّ مشکلة المسألة، وبذلک ترتفع المعارضة والمکاذبة، وبه یعالج الشرطیّات مع وحدة الجزاء، وینحفظ المفهوم لنفی الزائد، فاغتنم.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 5)صفحه 60