الجهة الاُولیٰ : فی بیان جهات البحث وأنحاء الشکوک
فعلیٰ هذا، یقع البحث فی جهات: من جهة الهلیّة البسیطة ومفاد «کان» التامّة، ومن جهة الهلیّة المرکّبة ومفاد «کان» الناقصة.
وعلی الثانی: من جهة الزمانیّات أو الزمان فی المتقیّدات بهما علی الوجهین: الحقیقیّ والأعمّ حسب الأدلّة الشرعیّة، ومن جهة أصل جریان الاستصحاب، أو کونه من الأصل المثبت، أو لأجل ابتلائه بالمعارض.
وبالجملة: ربّما یکون المتقیّد من الاُمور المنطبقة علی الزمان کالصلاة، وقیده نفس الزمان، أو یکون متعلق المتعلّق متقیّداً بالمتدرّج، أو نفس الموضوع.
وبالجملة: الأمثلة واضحة کما اُشیر إلیها، ومنها: موارد جریان الماء والدم،
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 508 وموارد خروجه من العروق فی الذبیحة لتطهیر المتخلّف، أو عروق الأرض لاعتصام الماء الموجود، وهکذا عدم البلوغ، فإنّه لیس إلاّ مضیّ تسع سنین، أو خمس عشرة سنة، أو فی موارد انقضاء العدّة، أو تمامیّة أربعة أشهر وعشرة أیّام، وهکذا فی موارد «لیس» التامّة، کعدم انقضاء سنة واحدة بالنسبة إلی التعریف اللازم فی المضاع واللقطة، أو الحول فی موارد اعتباره، کما فی باب الزکاة والخمس.
فهذا البحث نافع، لو تمّ انحلّت مشاکله بعد انحلال بعض المشاکل الراجعة إلی الشکّ فی المقتضی، کموارد الحیض والنفاس، وغیرهما ممّا یبتلیٰ به المکلّف، کالهیئة الاتصالیّة التدریجیّة فی الصلاة عند الشکّ، أو بقاء الاتصال فی الجماعة؛ من جهة تصرّم الصلاة وتقضّیها.
وإن شئت اجعل هذه الإفادة الجهة الاُولیٰ من البحث فی المسألة، ویتمّ ذلک بأنّه تارة: یکون الشکّ من جهة الشبهة الحکمیّة، واُخری: الموضوعیّة، وثالثة: الوضعیّة.
أی تارة: یشکّ فی الحکم التکلیفیّ، کمن کان مثلاً یجب علیه التخییر بین القصر والتمام عند الحرکة إلی الخروج من تحت القبّة الحسینیّة الشریفة، ویشکّ فی محلّ حال الحرکة فی بقاء الحکم التخییریّ.
واُخریٰ: یشکّ فی الحکم الوضعیّ، وهو مقدار الزمان أو الزمانیّ المعتبر قیداً أو ظرفاً للصلاة والصوم.
وثالثة: یشکّ فی متعلّق المتعلّق، وهو أنّ الماء الجاری جارٍ علی الوجه الموجب لاعتصامه أم لا.
ورابعة: فی الموضوع، وهو الشکّ فی بقائها فی العدّة التی هی أربعة أشهر مثلاً وهکذا.
ثمّ إنّه قد یقع طرف الزمان مجری الاستصحاب، وهذا کأنّه خارج عن الجهة
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 509 المبحوث عنها، ففی مثل الشکّ فی دخول الوقت وحدوث الزوال، یستصحب العدم لنفی الحکم والصحّة ظاهراً، فإنّه لیس متصرّماً، فما یظهر عن بعضهم خالٍ من التحصیل، فلیلاحظ. وبالجملة دائرة البحث وسیعة وتجری فی الشخصیّ والکلّی.
وغیر خفیّ: أنّه فی مثل الحیض والنفاس تکون صفة الحیض من الاُمور القارّة، دون الدم وزمان خروجه، وفی الجاری بالعکس. ثمّ فی أثناء هذه المسألة تنحلّ بعض الشبهات ونتعرّض لها إن شاء الله تعالیٰ.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 510