المبحث الثانی
وجه الإتیان بـ «مِن» التبعیضیة
ربّما یخطر بالـبال: أن یُسأل عن وجـه الإتیان بـ «من» الـتبعیضیـة مع أنّ الـمقام لـیس مقام الـتقسیم.
أقول:
أوّلاً: إنّ تعرّض الآیات الـسابقـة لـحال الـمتّقین والـکفّار یوجب الـتعرّض لـلقسم الـثالـث ـ وهو الـمنافقون ـ فاُشیر الـیٰ إفادة تلک الآیات الـقسمین الأوّلین، وتشیر هذه الآیـة الـیٰ الـقسم الـثالـث، وبذلک تُستوعب الأقسام.
وأمّا الـقسم الـرابع، وهو الـمؤمن بحسب الـواقع والـسیرة والـکافر أو الـمنافق بحسب الـصورة، فهو أمر یطرأ لـجهات نادرة من الاضطرار والـتقیّـة، ولا یکون من الأقسام الـرئیسـة.
وثانیاً: فی هذا الـنحو من الـتعبـیر نوع تهدید الـیٰ أنّ الـمنافق یتذکّر الـیٰ سوء ما بُشّر بـه، فإنّـه ربّما یذکرون بأسمائهم وألقابهم الـخاصّـة.
وثالثاً: فیـه نوع هتک لـهم وتوهین بالـنسبـة الـیهم، فکأنّـه یقال: ومن
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 252 الـناس من یقول: کذا، وما هو بإنسان، أو وما هم من الـناس؛ لأنّهم من الـناس فی الـصورة الإنسانیـة، وأمّا فی الـسیرة فهی بریئـة منهم، خذلهم الله تعالـیٰ.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 253