وعلیٰ مشرب الحکیم
«خَتَمَ اللّٰهُ عَلَیٰ قُلُوبِهِمْ» بطبائع مجرّدة ومعنویّـة بعد حصول مبادئها وشرائطها، وبعد تحقّق مقدّماتها وعللها الـتی هی مستندة الـیٰ إصرارهم علیٰ الـباطل وإمعانهم فی الـعاطل، وقد حصل هذا الـطابع من سوء فعالـهم بعدم استماعهم الـیٰ أرباب الـهدایـة وأسباب الـسعادة الـیٰ أن طبع اللّٰه «عَلَیٰ سَمْعِهِمْ» أیضاً لتمرّنهم فی تلک الـضلالـة ورسوخهم علیٰ الـغوایـة، کما کان
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 223 أمرهم هکذا بالـنسبـة الـیٰ سائر الأسباب الإحساسیـة الـنوریـة الـبصریـة، فبلغوا الـیٰ أن صار «عَلَیٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ»، فعند ذلک بسبب الاُمور الاختیاریـة الـحاصلـة من سوء اختیارهم، یکون «لَهُمْ عَذَابٌ عَظِیمٌ»، وهو محصول خصائصهم الـسیّـئـة وأعمالـهم الـردیئـة.
وقریب منه: «خَتَمَ اللّٰهُ عَلَیٰ قُلُوبِهِمْ» الـقاسیـة بذهاب الإمکان الاستعدادی للحرکـة الـیٰ الـهدایـة، وبزوال الـصور الإعدادیـة لقبول أنوار الـحقّ، وعلیٰ أسماعهم الـمنحرفـة عن الإصغاء الـیٰ الـحقائق الإیمانیـة والأصوات الإسلامیـة، ویکون ذلک الـطبع بعد تلک الإزالـة والانحراف قضاء لحقّ الـمقتضیات الـموجودة فی الـموادّ والـهیولیٰ، ویکون أیضاً ذلک الـطبع معلول الـغشاوة الـمبسوطـة علیٰ أبصارهم والـمحیطـة بها، وعند ذلک یستحقّون الـعذاب الـعظیم، وما هو الـمنصرف الـیـه منـه هو الـعذاب الـخالـد تبعاً لخلودهم فی الـغوایـة والـضلالـة.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 224