بعض بحوث اُصولیة
اختلفوا فی مباحث الـعامّ والـخاصّ فی أنّ الـعمومات الـلفظیـة تحتاج الـیٰ مقدّمات الـحکمـة علیٰ نحو ما تحرّر فی مسألـة الـمطلقات، فذهب صاحب الـکفایـة رحمه اللهالـیٰ الـحاجـة، والـوالـد الـمحقّق ـ مدّ ظلّه الـیٰ عدمها مستدلاًّ: بأنّ أداة الـعموم وُضعت لاستیعاب الـمدخول، فلا معنیٰ لاحتیاجها الـیها ویدلّ علیٰ خلافـه هذه الآیـة الـشریفـة، فإنّ قولـه تعالـیٰ: «آمِنُوا کَمَا آمَنَ النَّاسُ»لـو دلّ علیٰ الـعموم الاستغراقی یلزم الـکذب بالـضرورة، فیعلم منـه أنّ دلالـة الـجمع الـمحلّیٰ بالألف والـلام علیٰ الـعموم، منوط بکون الـمتکلّم فی مقام بیان إفادة الـعموم، وإمّا إذا کان فی مقام إفادة الإهمال، فلا یستفاد منـه الـعموم والاستیعاب، فهذه الآیـة تشهد علیٰ مختار «الـکفایـة» وجمع آخر.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 469 أقول: تحقیق هذه الـمسألـة فی الاُصول، والـذی هو مورد الـنظر: أنّ هذه الآیـة ربّما تکون منصرفـة الـیٰ جماعـة الـمدنیـین والـحجازیین، ومع وجود الانصراف یسقط الاستدلال؛ لأنّ الانصراف فی حکم الـقید الـمتّصل، الـذی یصحّ للمتکلّم أن یتّکل علیـه فی کلامـه وخطابـه.
هذا، مع أنّ کون الـجمع الـمحلّیٰ بالـلام مفیداً لـلعموم بالـوضع، محلّ إشکال، وما هو الـقدر الـمتیقّن عند أهلـه هی کلمـة «کلّ» وأمثالـها.
هذا، وقد مرّت احتمالات الـمفسِّرین حول الـمراد من الـناس، وأنّ الألف والـلام لـلعهد، والـمقصود هم الـنبیّ صلی الله علیه و آله وسلم وأتباعـه دون الـعموم، أو الـمقصود هم جماعـة الـیهود وأتباع عبدالله بن سلام، کما علیـه وجوه أصحاب الـتفسیر، وإنّا وإن أبطلنا مقالـتهم، ولکن لـلخصم الـمناقشـة فی الاستدلال بمجیء الاحتمال.
والذی هو الأقرب فی أمثال هذه الآیات: هو أنّ الأداة الـموضوعـة للاستیعاب، لـیست تفید الاستیعاب الـتامّ إلاّ عند عدم الـقرینـة، وبعد تمامیـة مقـدّمـات الإطـلاق، فـتکـون فی الآیـة نـوع شـهادة علیٰ تـلک الـمسألـة الاُصولیـة إنصافاً.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 470