المسألة الرابعة
حول کلمة «یقول»
قال، یقول، قولاً وقالـة وقیلاً ومقالـة: تلفّظ، وقد یستعمل الـقول لـغیر ذی لـفظ تجوّزاً، کقولـه:
فقالـت لـه الـعینان: سمعاً وطاعةً
ویأتی لمعانٍ اُخر:
منها: أنّـه یستعمل بمعنیٰ الـظنّ، فیعمل عملـه بشروط معروفـة.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 241 ومنها: أنّ ذلک مخصوص بصورة الاستقبال والـتخاطب، نحو أتقول زیداً منطلقاً؛ أی أتظنّ. وأمّا بنو سلیم فیجرون الـقول مجریٰ الـظنّ مطلقاً، فیقال: «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ یَقُولُ آمَنَّا بِالله ِ» أی یظنّ «وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِینَ».
ومن الـمحتمل کون الـقول لـمعنیً أعمّ من الـتلفّظ بالـلسان، والـمتکلّم بالـکلام الـمعتمد علیٰ الـمخارج الـمخصوص بـه الإنسان؛ لـما کثر استعمالـه فی الـقرآن الـکریم فی الأعمّ، ومنـه: «فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِیَا طَوْعاً أَوْ کَرْهاً قَالَتَا أَتَیْنَآ طَائِعِینَ»، «قَالَتْ نَمْلَةٌ یَا أَیُّهَا النَّمْلُ» ، «کَمَثَلِ الشَّیْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنْسَانِ اکْفُرْ»، ومن ذلک نسبـة الـقول الـیٰ الله تعالـی، فإنّـه لـو کان معنیٰ الـقول ما أفاده أهل الـلغـة یلزم الـمجاز الـشائع الـیٰ حدّ الـحقیقـة الـثانویّـة الاکتسابیـة، ومنـه قولـه تعالـیٰ: «وَمِنَ النَّاسِ مَنْ یَقُولُ آمَنَّا بِالله ِ»، فإنّـه ربما کان عملهم یُعرب عن ذلک؛ من غیر أن یتلفّظوا بالإیمان حذراً من انکشاف آرائهم الـفاسدة.
والإنصاف: إنّ الـتجوّزات فی الـلغـة الـعربیـة ـ ولا سیّـما فی الـکتاب الإلهی لأجل کونـه فی اُفُق أعلیٰ من اُفُق الـلُّغات ـ کثیرة جدّاً، ولا نمنع من الـحقیقـة الاُخریٰ الـلُّغویـة الـیٰ حدّ مهجوریـة الـمعنیٰ الأوّلی الـعرفی، فضلاً عن الـتوسّع الـخالـی عن الـحاجـة الـیٰ الـقرینـة.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 242