الوجه الثالث
حـول استناد الاستهزاء إلیه تعالی
فی إسناد الاستهزاء الـیـه تعالـیٰ وجوه وآراء کلّها تدور مدار الـمجاز والـکنایـة والاستعارة علیٰ أقسامها وأنحائها الـمحتملـة هنا، والـمشهور أنّها من باب الـمشاکلـة الـتی هی من الـمحسّنات الـمعنویـة.
والذی هو التحقیق: أنّ الاستهزاء علیٰ الـمعنیٰ الـذی عرفت منّا ـ حسب الـلغـة والـعرف ـ لـیس من الـمعانی الـقبـیحـة الـذاتیـة، فیکون لأجل الـعوارض والـطوارئ الـخارجیـة، قابلاً لـلاتّصاف بالـحسن والـصحّـة وأن یُجوّزه الـعقل، مثلاً: إذا کان نجاة إنسان موقوفـة علیٰ استهزاء إنسان، فلا شبهـة فی لزومـه الـعقلی وجوازه الـشرعی، کما یخرج ـ عندئذٍ ـ عن الـقبح الـعرفی، ولا یخرج ـ وقتئذٍ ـ عن عنوان الاستهزاء، ولیس هذا مثل الـظلم، فإنّـه یخرج بعد ذلک عن کونـه ظلماً؛ لأنّـه من الـقبائح الـعقلیـة والـعرفیـة الـذاتیـة والـطبعیّـة.
فبناء علیٰ هذا إذا کان الـیهود یستهزئون بالـمؤمنین یستحقّون أن یُقابلوا بمثلـه؛ من غیر أن یکون الـمماثل لـه بعنوان الـجزاء خارجاً عن حقیقـة الاستهزاء، فلا مجاز فی الـکلمـة ولا مجاز فی الإسناد؛ وهذا من غیر فرق بین
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 531 أن تکون الـجملـة إخباریـة أو إنشائیـة.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 532