النحو والإعراب
الـبحث حول هذه الآیـة یظهر ممّا مضیٰ حول الآیـة الـسابقـة من جهاتـه الـعدیدة، من جهـة عطفها علیٰ الـسابقـة واستئنافها، والـثانی متعیّـن کما سبق، ومن جهـة الـعامل فی «إذا»، ومن جهـة حکم الـجملـة بعدها، ومن جهـة الـمفعول الـذی لـم یُسمَّ فاعلـه، ومن جهـة الإشکال فی وقوع الـجملـة نائب الـفاعل، ومن جهـة الـجواب، ومن جهات اُخر.
وأمّا جملـة «آمِنُوا کَمَا آمَنَ النَّاسُ»، فالـکاف عندهم فی موضع نصب، وأکثرهم علیٰ جعلها نعتاً لـمصدر محذوف؛ أی إیماناً کما آمن الـناس، خلافاً لسیـبویـه، فیجعلها منصوبـة علیٰ الـحال من الـمصدر الـمضمر الـمفهوم من الـفعل.
وأمّا لـفظـة «ما» فهی أیضاً مورد الـخلاف بین کونها الـکافّـة، وکونها الـمصدریـة، ویحتمل الـموصولـة شذوذاً.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 449 والذی هو التحقیق عندی: أنّ کلمـة «کما» بسیطـة، ولیست مرکّبـة من الـحرفین الـمستقلّین فی الـوضع، بل هی مستقلّـة بالـوضع، وعلیٰ هذا یسقط الـنزاع الـثانی، وتکون هی حرف الـتشبـیـه الـمقرون بالـعهد، وداخلـة علیٰ الـجملـة علیٰ وجـه الـتشبـیـه، وسیظهر أنّـه من أیّ قسم من أقسام الـتشبـیـه ـ إن شاء الله تعالـیٰ ـ ولیس لـها محلّ من الإعراب؛ لأنّها من الـمعانی الـحرفیـة حینئذٍ.
ولو فرضنا ترکّبها فهی مرکَّبـة من حرف الـتشبـیـه وما الـمصدریـة، فتکون الـجملـة فی محلّ الـجرّ بها، ولا محلّ لـها أیضاً، ولا تکون صفـة ولا حالاً، بل هی من قبـیل حرف الـعطف وقع بین الـجملتین لـلربط الـتشبـیهی، فلا تخلط.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 450