التوجیه الثالث
حول الغرض من الآیة
الـمشهور الـمقطوع بـه أنّ الآیـة جملـة إخباریـة، وتخبر عن واقعیـة خارجیّـة: إمّا بنحو الـقضیّـة الـخارجیّـة، أو بنحو الـقضیّـة الـحقیقیّـة؛ لأنّ نداء الـقرآن لایخمد بخمود عصر الـنزول وبمضیّ زمان الـوحی، فیصحّ أن تکون من قبـیل الـقضایا الـحقیقیـة.
والـذی یحتمل : هو أنّها تکون فی موقف الـشعار والإعلان والـتوبیخ
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 118 والـتثریب، ویعلن أنّ الـذین کفروا حالـهم فی الانحطاط، بلغت الـیٰ حدّ لایؤثّر فیـه الإرشاد والـتحذیر والـعظـة والإنذار؛ من غیر إرادة الأمر الـواقعیّ؛ وأنّـه بحسب الـخارج یکون الأمر کذلک، بل فی هذا الـمنهج والـمسلک نوع إرشاد وتبلیغ الـیٰ جانب الاهتداء، ونوع ترغیب وإغراء الـیٰ جانب الإیمان والإسلام، فهی خبریّـة إنشائیّـة، ولعلّ هذا الـمعنیٰ یتراءیٰ من مثل هذه الآیـة الـنازلـة فی سورة یس، قال: «لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَیٰ أَکْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ یُؤْمِنُونَ* إِنَّا جَعَلْنَا فی أعْنَاقِهم أَغْلاَلاً فَهیَ إِلَیٰ الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ* وَجَعَلْنَا مِنْ بَیْنِ أَیْدِیْهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَیْنَاهُمْ فَهُمْ لاَیُبْصِرُونَ* وَسَوَاءٌ عَلَیْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَیُؤْمِنُونَ* إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّکْرَ وَخَشِیَ الرَّحْمٰنَ بِالْغَیْبِ».
فبالجملة: بذلک تسقط الاستدلالات الآتیـة فی الـبحوث الاُخر، کما أنّ من ملاحظتها فی سورة «یس» یظهر: أنّ موضوعها لیس الـکفّار؛ لما فی الآیـة الـسابقـة علیٰ هذه الآیات هکذا: «لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ».
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 119