البحث السابع
حول ترکیب «وَبِالآخِرَةِ هُمْ یُوقِنُون»
فی تقدیم الـجارّ والـمجرور فی الـجملـة الأخیرة وفی الإتیان بضمیر الـعماد، وهو قولـه : «هُمْ یُوقِنُونَ» إشعار بأنّ الإیمان بالآخرة والإذعان بها، لایحصل إلاّ لجملـة خاصّـة من الـمؤمنین، فکأنّ الإیمان بالـغیب والإیمان بما اُنزل الـیـه وما اُنزل من قبلـه، لایکون من الاُمور الـمهتمّ بها، وکأنّ الـناس یؤمنون بالـمبدأ حسب الـفطرة، بخلاف الـمعاد ورجوع الأجساد بعد الـفساد، فإنّـه یثقل علیٰ الـعقول هضمـه، ویصعب علیٰ الأفکار تحمّلـه. هذا، مع أنّ تلطیف الـعبائر بتوافق رؤوس الآی أیضاً ممّا لایکاد یخفیٰ.
وتأخیر الإیمان بالآخرة عن الإیمان بالـغیب، وعن الإیمان بالـرسالـة الـمطلقـة والـرسالـة الـخاصّـة، موجّـه حسب الـطبع، فلایحتاج الـیٰ الـتوجیـه، وهکذا تأخیر الإیمان بالـرسالـتین عن الإیمان بالـغیب، فلا تذهل.
ثمّ إنّک قد علمت أنّ الآخرة لیست صفـة لشیء، بل هی اسم بالـوضع الـتعیُّنی للنشأة الآتیـة، فیسقط نزاعهم.
ومن الممکن دعویٰ: أنّ الآخرة فی مقابل الاُولیٰ، وهی أعمّ من الـبرزخ والـقیامـة، فقولـه : «وَبِالآخِرَةِ هُمْ یُوقِنُونَ» أی بما یقابل الـدُّنیا یوقنون ویُذعنون.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 29 فما اشتهر: أنّ ما هو الـمحذوف الـدار أو الـنشأة أو أمثالـهما، فهو فی غیر محلّـه، بل الـمحذوف ما هو الأمر الـجامع بینها وبین الـبرازخ وسائر الـعقبات. واللّٰه الـعالـم بحقائق آیاتـه.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 30