تنبـیـه
فی قولـه تعالـیٰ: «أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ» سؤال متوجّـه الـیٰ الـضمیرین: فإنّ الـضمیر الأوّل مفاده معلوم، والـضمیر الـثانی لـیس مفاده عین الأوّل؛ لـما فیـه من الـشناعـة والاشمئزاز، بل مفاد الآیـة هکذا: ألا فهم أنفسهم الـسفهاء، وهم ذواتهم الـسفهاء، فهل هناک حذف مضاف، أم یکون الـضمیر الـثانی ذا وضع آخر؟
وبالجملة: اختلفوا فی الاُصول فی حقیقـة الـضمائر، وأنّها هل هی معانٍ اسمیـة، أم حرفیـة؟ فالأکثر ذهبوا الـیٰ الأوّل، واختار الـوالـد الـمحقّق ـ مدّ ظلّـه ـ حرفیّـتها مستدلاًّ: بأنّها إشارات الـیٰ الـمراجع، وکما أنّ الأسماء الـتی یُشار الـیها لـیست إلاّ حروفاً حقیقـة، کذلک الـضمائر، وعندئذٍ یُشکل الأمر فی أمثال هذه الآیات.
فإنّها لـو کانت لـلإشارة الـیٰ الـمراجع لـلزم تکرار حروف الإشارة، وهذا فیـه نوع رکاکـة إذا لاحظناها بالـقیاس الـیٰ بعض الألسنـة الاُخریٰ، وإذا کانت الـضمائر أسماء لـلمراجع علیٰ خلاف الـتحقیق قطعاً، فأیضاً تحدث مشکلـة اُخریٰ، وهی أنّ قولـه تعالـیٰ: «أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ»یرجع الـیٰ هذا: ألا إنّ الـمنافقین الـمنافقون الـسفهاء، وهذا خلاف الـمقصود؛ لأنّ الـنظر الـیٰ أنّ کلّ منافق سفیـه. والله الـعالـم.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 471