القراءة وأنحاؤها
1 ـ قرأ الـجمهور : «بِمَا أُنْزِلَ إِلَیْکَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِکَ» مبنیّـاً للمفعول.
وقرأهما الـنخعی وأبو حیاة ویزید بن قطیب مبنیّـاً للفاعل.
وقُرئ شاذّاً بتشدید الـلام. وقیل فی وجهـه: إنّـه أسکن لام «اُنزل»، کما اُسکن وضّاح آخر الـماضی فی بعض الـمقامات، ثمّ حذف همزة «الـیٰ» ، ونقل کسرتها الـیٰ الـلام، فإذاً الـتقیٰ الـمِثْلان من کلمتین، والإدغام ـ حینئذٍ ـ یکون جائزاً، فاُدغم.
2 ـ قرأ الـجمهور: «یوقنون» بواو ساکنـة بعد الـیاء، وهی مُبدلـة من یاء؛ لأنّـه من «أیقن».
وقرأ أبو حیّـة الـنمری بهمزة ساکنـة بدل الـواو.
وقیل: إنّ الأصحاب رخّصوا فی ذلک لدیٰ الـضرورة، وقالـوا: إنّ هذه الـواو لمّا جاورت الـمضموم فکانت الـضمّـة فیها، وهم یُبدلون من الـواو الـمضمومـة همزة، فقالـوا فی کلمـة «وجوه» و«وقّتتْ»: «اُجوه» و«اُقِّتَتْ»،
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 14 فأبدلوا عن هذه همزة؛ إذ قدّروا الـضمّـة فیها.
3 ـ الـجمهور علیٰ تسکین لام الـتعریف من الآخرة.
وأمّا ورش ـ الـذی هو من الـشاذّ فی الـقراءات الـنادرة ـ فیحذف وینقل الـحرکـة الـیٰ الـلام. وقیل: کان یقف حمزة قبل الـهمزة من الآخرة، فیسکت علیٰ الـلام شیئاً، ثمّ یبتدی بالـهمزة، والـباقون علیٰ خلافـه.
وهذه الـخلافات ناشئـة من اختلاف الـقبائل والأقطار، واختلاف لهجتهم وسهولـة الأداء وصعوبتـه.
4 ـ قد مـرّ بعض الـکلام حول اختلافهم فی قراءة «یؤمنون» بإبراز الـهمزة وعدمـه.
5 ـ أهل الـحجاز غیر ورش وأهل الـبصرة لایمدّون حرفاً لحرف، وهو أن تکون الـمدّة من کلمـة والـهمزة من اُخریٰ نحو «بِمَا أُنْزِلَ إِلَیْکَ»، وأمّا أهل الـکوفـة وابن عامر وورش فیمدّون.
6 ـ عن حمزة یجوز الـسکتـة فیقرأ: «بِمَا أُنْزِلَ إِلَیْکَ»، ووافقـه الـکسائی وعاصم علیٰ خلاف.
وبالجملة: قرأ بالـمدّ عاصم وعلی وحمزة وخلف وابن ذکوان،
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 15 فلایفرّقون بین مدّ الـکلمـة والـکلمتین، وکذلک رویٰ ورش عن نافع، والـباقون یفرّقون، فیمدّون الـکلمـة، ولایمدّون الـکلمتین، فأطول الـناس مدّاً ورش عن نافع وحمزة وخلف فی اختیاره والأعشیٰ، ومدّهم بمنزلـة أربع ألـفات ، وأوسطهم مدّاً علی وابن ذکوان وعاصم غیر الأعشیٰ ، وأقصرهم مدّاً ابن کثیر وأبوجعفر ونافع غیر ورش وأبو عمرو وسهل ویعقوب وهشام.
ولنعم ما أفاده الوالد المحقّق مدّ ظلّه: أساس اختلافات الـقُرّاء، واختلاف أرباب الـقراءة وأصحاب الـحرکات والـسکنات، ینشأ عن بعض الاُمور الـذی لاینبغی أن نشیر الـیـه الآن، ولم یکن للعرب قبل الـقرآن هذه الـتسویلات والـتهذیات، مع أنّ أشعار الأسبقین والـمتون قبل الإسلام، لاتفرق عن الـقرآن فی الأسالـیب الـعربیّـة، فکأنّ هذه الـمأدُبـة سیقت لأن یُرتزق حولها جمع من الـمرتزقـة، وفی جنبها سیاسـة تعطیل علوم الـقرآن والـتدبّر والـتفکّر فی معارفـه؛ بصرف الـعمر والـوقت فی الآداب والـقراءة. نعوذ باللّٰه تعالـیٰ من الـشیطان ومکایده الـدقیقـة.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 3)صفحه 16