مقبولة عمر بن حنظلة
1 ـ مقبولة عمر بـن حنظلـة ، رواه المشایـخ العظام ، وتلقّاها الأصحـاب بالقبول ، بل علیها المـدار فی باب القضاء ، کما هـو ظاهـر لمن أمعن النظـر فیه ، ودونک متنهـا :
سألت أبا عبدالله علیه السلام عـن رجلین مـن أصحابنا یکون بینهما منازعـة فی دین أو میراث ، فتحاکما إلی السلطان أو إلی القضاة ، أیحلّ ذلک ؟
قال علیه السلام : «من تحاکم إلیهم فی حقّ أو باطل فإنّما تحاکم إلی الطاغوت ، وما یحکم له فإنّما یأخذ سحتاً وإن کان حقّه ثابتاً ؛ لأنّه أخذ بحکم الطاغوت» .
إلی أن قال : قلت : کیف یصنعان ؟
قال : «ینظران إلی من کان منکم ممّن قد روی حدیثنا ونظر فی حلالنا وحرامنا وعرف أحکامنا فلیرضوا به حکماً ، فإنّی قد جعلته علیکم حاکماً ، فإذا حکم بحکمنا فلم یقبل منه ، فإنّما بحکم الله استخفّ ، وعلینا قد ردّ ، والرادّ علینا کالرادّ علی الله ، وهو علی حدّ الشرک بالله .
قلت : فإن کان کلّ رجل یختار رجلاً من أصحابنا فرضیا أن یکونا ناظرین فی حقّهما ، فاختلفا فیما حکما ، وکلاهما اختلفا فی حدیثکم ؟
قال : «الحکم ما حکم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما فی الحدیث وأورعهما ، ولایلتفت إلی ما یحکم به الآخر . . .» إلی آخره .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 581 دلّت علی أنّ المنصوب للقضاء والحکومة یجب أن یکون إمامیاً مقتدیاً بأئمّة الشیعة ، آخذاً عنهم أحکامهم ، معرضاً عن غیرهم ، قائلاً بإمامتهم دون إمامة غیرهم . فالمخالف لاینفذ حکمه ؛ وإن کان حاکماً بحکمهم علیهم السلام .
کما أنّه یجب أن یکون فقیهاً مجتهداً فیما تقضی وتبرم وتنقض ؛ لأنّ قوله علیه السلام «روی حدیثنا ، ونظـر فی حلالنا وحرامنا ، وعـرف أحکامنا» لایصدق علی غیر الفقیه فی هذه الأعصار ؛ لأنّ غیره لیس ناظراً فی حلالهم ولا حـرامهم ، ولا عارفاً بأحکامهم ، بل ولا راویاً لأحادیثهم ؛ فإنّ الراوی فی الأجیال الماضیة کان مفتیاً بلفظ الروایة ، وسیوافیک بیان وجود الاجتهاد بالمعنی المصطلح فی أعصارهم علیهم السلام .
علـی أنّ المتبادر مـن قوله «روی حدیثنا» فی المقام أن یکون روایـة الحـدیث عنهم شغله ، وأن یزاول به ویمارسـه ، ولایکفی روایة حـدیث أو حـدیثین أو أحادیث قلیلة طیلة عمره ، فالعامّی ومن لم یبلغ مرتبة الاجتهاد خـارج عنه .
وإن شئت قلت : إنّ إیراد هـذه الجمل المتعاطفة ، وعـدم الاکتفاء بواحـدة منها یدلّ علی أنّ الموصوف بها ثلّة مخصوصة من الشیعة ؛ ما برحوا یزاولون بروایـة الحـدیث ، والنظر فی حلالهم وحـرامهم ، ومعرفـة أحکامهم ؛ وهـی لیس إلاّ الفقهاء فی هذه الأعصار .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 582