التنبیه الرابع فی تعارض الضررین أو تعارض الضرر والحرج وغیرهما من الصور ، کما إذا استلزم التصرّف فی ملکه الضرر علی الغیر
وقد نقل عن المشهور الجواز ، ونقل عدم الخلاف عن الشیخ وابن زهرة والحلّی . وکیف کان : فالأولی بیان الصور المتصوّرة ، وبیان ما هو الضابط فیها .
فنقول هاهنا صور :
الاُولی : إذا دار الأمر بین الضررین ، ولزم من تصرّفه فی ملکه الضرر علی الغیر ، ومن ترک تصرّفه الضرر علی نفسه .
الثانیة : أن یتضرّر الجار من تصرّفه ، ولزم من ترکه الحرج علی نفسه .
الثالثة : عکس تلک الصورة ؛ فلو تصرّف وقع الجار فی الحرج ، ولو ترک التصرّف تضرّر بترکه .
الرابعة : أن یکون فی تصرّفـه ضرر أو حـرج علی الجـار ، وفی ترکـه فقدان منفعة له .
الخامسة : أن یکون فی تصرّفه ضرر أو حـرج علی الجار ولا یکون فی تـرک التصرّف شیء علیه ولا فقدان المنفعة منه ، فیکون تصرّفه لغواً أو لإیصال الضرر أو الحرج .
السادسة : إذا دار الأمر بین الحرجین ؛ فلو تصرّف وقع الجار فی الحرج ، ولو ترکه وقع نفسه فیه .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 552 بناءً علی ما ذکرناه : یمکن القول بجواز التصرّف فیما لو استلزم ترک التصرّف وقوع المالک فی الضرر والحرج ؛ لانصراف النهی عن الإضرار بالغیر عـن هذه الصورة ؛ لأنّ حرمة الإضرار بالغیر غیر تحمّل الضرر والمشقّة عنه ، فما هو الحرام هو الأوّل دون الثانی . فلا یجب علیه تحمّلهما لدفع الضرر عن الجار ، والمقام من قبیل الثانی دون الأوّل .
ولایتوهّم : أنّه یلزم من جوازه جواز الإضرار بالغیر ابتداءً إذا استلزم ترکه الضرر علیه ؛ لوضوح الفرق بین المقامین ، کما لایخفی .
ویلحق به ما إذا استلزم ترک التصرّف فقدان منفعة خطیرة ؛ إذ أیّ حرج أوضح من حبس المالک عن الانتفاع بما له مدّة لایستهان بها .
وأمّا غیر هذه الصور : فلا یجوز له التصرّف ؛ لأنّه یعدّ إضراراً حقیقة بلا وجه .
هذا ، والظاهر : أنّ ما ذکرنا هو المحکّم ؛ ولو قلنا بما اختاره الأعلام فی تفسیر الروایة ؛ لأنّ القاعدة قاعدة امتنانیة ، ولا امتنان فی إلزام المالک بتحمّل الضرر والحرج عن الغیر ، أو الصبر علی عدم الانتفاع عن العین ، وأمّا فی غیر هذه الصور فمقتضی الامتنان عدم الجواز ، کما لو حفر بالوعة لمجرّد الإضرار علی جاره ، أو غیر ذلک من الهوسات .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 553