مناط صحّة عمل الجاهل وبطلانه
قد اتّضح ممّا ذکرنا : أنّ الملاک لصحّة عمله وبطلانه هو الإتیان بکلّ ما یعتبر فی المأمور به من الأجزاء والشرائط وعدمه ، وهذا هو المراد من قولهم من وجود الملازمة بین بطلان العمل واستحقاق العقاب ، وصحّته وعدم استحقاقه ، غیر أنّه :
قد انتقض هذه القاعدة فی موردین :
الأوّل : الجهر بالقراءة فی موضع الإخفات وبالعکس ، جهلاً بالحکم ؛ ولو عـن تقصیر .
الثانی : الإتمام فی موضع وجوب القصر .
فإنّ الأصحاب قد أفتوا فی هذین الموضعین ـ تبعاً للنصوص ـ بصحّة الصلاة مع الجهل بالحکم ؛ ولو عن تقصیر ، مع التسالم علی استحقاق العقاب علی
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 445 ما هو مقتضی إطلاق کلامهم من عدم معذوریة الجاهل المقصّر .
فأوجب ذلک إشکالاً فی المقام ؛ لأنّه لو کان المأتی به هو المأمور به فلا وجه لاستحقاق العقاب ، وإلاّ فلا وجه للصحّة .
وإن شئت قلت : إنّ وجوب الجهر والإخفات ، وکذا القصر إن توقّف علی العلم به فهو یستلزم الدور المعروف ، وإن کان غیر متوقّف علیه فیلزم عدم صحّة الصلاة ؛ لعدم الإتیان بالمأمور به ، وإن کان من باب تقبّل العمل الناقص بعد وجوده بدلاً عن الکامل وسقوط ما کان واجباً من قبل فهو ممّا یأباه العقل من سقوط الواجب مع بقاء وقته مع المؤاخذة علی ترکه ، وإن قلنا : بعدم استحقاقه العقوبة فهو ینافی مع ما تسالموا علیه من عدم معذوریة الجاهل واستحقاقه للعقوبة .
والحاصل : أنّه کیف یجتمع الصحّة والعقوبة مع بقاء الوقت ؟ ! فإنّ الناقص لو کان وافیاًلمصلحة التامّ فیصحّ العمل ولا یستحقّ العقاب ، وإلاّ فلا وجه للصحّة ، إلاّ إذا کان الناقص مأموراً به ، وهو خلاف الواقع ؛ للإجماع علی عدم وجوب صلاتین فی یوم واحد .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 446