التحقیق فی جریان أصالة عدم التذکیة فی المحتملات
إنّ التذکیة إن کانت أمراً مرکّباً خارجیاً ـ ککونها نفس الاُمور الستّة الخارجیة ـ فأصالة عدمها غیر جاریة ، بعد وقوع الاُمور الخمسة علی حیوان شکّ فی قابلیته ؛ لسقوط أصالة عدم القابلیة وعدم کون التذکیة أمراً مسبوقاً بالعدم ؛ لکونها عبارة عن الاُمور الخارجیة ، والمفروض حصول خمسة وعدم جریان الأصل فی السادس منها . فحینئذٍ یکون المرجع أصالة الحلّ والطهارة .
هذا کلّه إذا کانت أمراً مرکّباً .
وأمّا إذا کانت أمراً بسیطاً محضاً متحصّلاً من ذلک الاُمور أو اعتباراً قائماً بها
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 137 أو بسیطاً مقیّداً أو مرکّباً تقییدیاً فأصالة عدم التذکیة جاریة ، مع الغضّ عن الإشکال المشترک .
أمّا إذا کانت أمراً بسیطاً متحصّلاً من الاُمور الخارجیة فواضح ؛ لأنّه مسبوق بالعدم قبل تحقّق الاُمور الخارجیة ، والآن کما کان . واختلاف منشأ الشکّ والیقین لا یضرّ به .
وکذلک إذا کانت أمراً بسیطاً منتزعاً ؛ لأنّ هذا الأمر الانتزاعی الموضوع للحکم وإن کان علی فرض وجوده یتحقّق بعین منشأ انتزاعه ، لکنّه مسبوق بالعدم .
وأمّا إذا کانت أمراً مرکّباً تقییدیاً ـ سواء کانت بسیطة متحصّلة مقیّدة ، أو منتزعة من الاُمور الخمسة متقیّدة بقابلیة المحلّ ، أو مرکّبة منها ومتقیّدة بالقابلیة ـ فجریان أصالة عدم التذکیة لا مانع لها ؛ لأنّ المتقیّد بما أنّه متقیّد مسبوق بالعدم ومشکوک تحقّقه ، والفرض أنّ موضوع الحکم متقیّد .
وبذلک یظهر : ضعف ما عن بعض أعاظم العصر قدس سره من أنّ التذکیة إذا کانت نفس الاُمور الخمسة ، وکانت قابلیة المحلّ شرطاً للتأثیر ولها دخالة فی تأثیر الخمسة لا تجری أصالة عدم التذکیة ، بل المرجع هی أصالة الحلّ والطهارة .
وجه الضعف : أنّ دخالة القابلیة فی التأثیر عبارة اُخری عن تقیید موضوع الحکم به . فالموضوع للحلّیة والطهارة الواقعیتین هو الاُمور الخمسة المشترط بالقابلیة ، وهذا المعنی المتقیّد المشترط مسبوق بالعدم ، واختلاف منشأ الشکّ والیقین ممّا لا یمنع عن جریان الاستصحاب .
وهـذا ممّا لا إشکال فیه ، إنّما الإشکال فی جـریان أصالة عـدم التذکیة
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 138 مطلقاً ـ بسیطة کانت أو لا ـ وهو أنّ حقیقة التذکیة التی هـی فعل المذکّی عبارة عـن إزهاق الروح بکیفیة خاصّة وشرائط مقرّرة ؛ وهی فری الأوداج الأربعة مع کون الذابح مسلماً ، وکون الذبح عن تسمیة وإلی القبلة مع آلة خاصّة ، وکون المذبوح قابلاً للتذکیة . وعدم هذه الحقیقة بعدم الإزهاق بالکیفیة الخاصّة والشرائط المقرّرة .
ولا إشکال فی أنّ هذا الأمر العدمی علی نحو «لیس» التامّ لیس موضوعاً للحکم الشرعی ؛ فإنّ هذا المعنی العدمی متحقّق قبل تحقّق الحیوان وفی زمان حیاته ، ولم یکن موضوعاً للحکم .
وما هو الموضوع عبارة عن المیتة ؛ وهی الحیوان الذی زهق روحه بغیر الکیفیة الخاصّة بنحو الإیجاب العدولی ، أو زهوقاً لم یکن بکیفیة خاصّة ، علی نحو «لیس» الناقص أو الموجبة السالبة المحمول ، وهما غیر مسبوقین بالعدم ؛ فإنّ زهوق الروح لم یکن فی زمان محقّقاً بلا کیفیة خاصّة ، أو مسلوباً عنه الکیفیة الخاصّة .
فما هو موضوع غیر مسبوق بالعدم ، وما هو مسبوق به لیس موضوعاً له . واستصحاب النفی التامّ لا یثبت زهوق الروح بالکیفیة الخاصّة إلاّ علی الأصل المثبت .
هذا ، مضافاً إلی الإشکال فی مثل تلک القضایا السالبة .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 139