فی جریان البراءة العقلیة
الحقّ : البراءة ، من غیر فرق بین أن یکون العجز من القید ثابتاً قبل زمان التکلیف ، کمن بلغ وهو لایقدر علی القراءة ، أو کان طارئاً علیه ، کمن کان قادراً أوّل الوقت علی الإتیان بالجزء لکن طرء علیه العجز أثناء الوقت ، أو کان القدرة والعجز فی واقعتین ، کمن کان قادراً فی الأیّام السالفة وطرء العجز فی یومه .
أمّا جریانها فی الأوّل والثالث : فواضح جـدّاً ؛ لأنّ مرجـع الشکّ فیه إلی أصل التکلیف :
أمّا فی الأوّل : فلأنّ الشخص کان قاطعاً بعدم التکلیف قبل البلوغ ، ویشکّ بعد ما أصبح مکلّفاً مع العجز عن الإتیان بالمرکّب ـ تامّاً ـ فی أصل الحکم والخطاب .
ومثله الثالث ؛ فلأنّ تمامیة الحجّة فی الأیّام الخالیة لاتصیر حجّة للأیّام الفعلیة ، فهو فی یومه هذا شاکّ فی أصل التکلیف .
وأمّا الثانی : فلأنّه أوّل الوقت وإن کان مکلّفاً بالإتیان بالمرکّب تامّاً ، لکنّه قد ارتفع بارتفاع حکم الجزء وتعذّره عقلاً بعد العجز ، والتکلیف بالفاقد مشکوک فیه من رأس ، فیکون المرجع إلی البراءة .
فإن قلت : مـا الفرق بیـن المقام والشکّ فـی القـدرة ؛ حیث إنّهما مشترکان فـی الشـکّ فـی أصـل ثبـوت التکلیـف لا فـی سقـوطـه ، مـع أنّ الـظاهـر مـن
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 395 الأکابر هو الاحتیاط عقلاً فی الثانی ، مع کون الشکّ فی أصل التکلیف .
قلت : إنّ القدرة لیست من الشرائط الشرعیة ، بل هی شرط وقید عقلی ، فحینئذٍ فمع الشکّ فی القدرة فالتکلیف ثابت من قبل المولی ؛ لعدم تقیّده بشیء ، والشکّ فی سقوطه لأجل الشکّ فی کونه عاجزاً أولا ، ومعه لا مناص عن الاشتغال . وأمّا المقام فالمتیقّن منه هو ثبوت الجزئیة فی حال التمکّن ، وأمّا حالة العجز فهو یشکّ فی جزئیته ، فالعجز عن القید معلوم والتکلیف بالفاقد مشکوک فیه من رأس مع القدرة علیه ، وهذا هو الفرق بین الأمرین .
لایقال : ما الفرق بین المقام وما إذا اضطرّ إلی ارتکاب بعض الأطراف من المعلوم إجمالاً ؟ حیث إنّه یجب الاجتناب عن الطرف الآخر ؛ لحکم العقل بحرمة المخالفة القطعیة مع عدم إمکان الموافقة القطعیة ، فلیکن المقام مثله .
لأنّا نقول : ما ذکرت قیاس مع الفارق ؛ لعدم العلم الإجمالی فی المقام ، بل الموجود علم تفصیلی بوجوب الصلاة تامّة ، وشکّ بدوی فی وجوب الفاقدة لبعض قیودها . هذا کلّه حال البراءة العقلیة .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 396