الروایة التاسعة : صحیحة عبدالرحمان بن الحجّاج
ومن الروایات : صحیحة عبد الرحمان بن الحجّاج المنقولة فی أبواب ما یحرم بالمصاهرة عن أبی إبراهیم علیه السلام قال : سألته عن الرجل یتزوّج المرأة فی عدّتها بجهالة ، أهی ممّن لا تحلّ له أبداً ؟
فقال علیه السلام : «لا ، أمّا إذا کان بجهالة فلیتزوّجها بعدما تنقضی عدّتها ، فقد یعذر الناس فی الجهالة بما هو أعظم من ذلک» .
قلت : بأیّ الجهالتین أعذر ؛ بجهالة أنّ ذلک محرّم علیه أم بجهالة أنّها فی العدّة ؟
قال علیه السلام : «إحدی الجهالتین أهون من الاُخری ؛ الجهالة بأنّ الله تعالی حرّم علیه ذلک ؛ وذلک لأنّه لا یقدر معها علی الاحتیاط» .
قلت : فهو فی الاُخری معذور ؟
قال علیه السلام : «نعم ، إذا انقضت عدّتها فهو معذور فی أن یتزوّجها» .
وجه الدلالة : أنّ التعبیر بالأهونیة فی جواب الإمام وبالأعذریة لا یناسب الأحکام الوضعیة ؛ فإنّ کون الجهل عذراً وموجباً لعدم التحریم الأبدی لا مراتب له ، فلابدّ من الحمل علی الحکم التکلیفی ؛ إذ هو الذی یتفاوت فیه بعض الأعذار ، ویکون بعضها أهون من بعض . فالغافل المرتکب للمحرّم أعذر من الجاهل الملتفت المرتکب له ؛ وإن کان ارتکابه بحکم أصل البراءة .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 82 وعلیه : فالروایة دالّة علی کون الجهل مطلقاً عذراً فی ارتکاب المحرّمات ؛ وإن کان الأعذار ذات مراتب ، والجهالات ذات درجات .
وأمّا ما عن بعض محقّقی العصر قدس سره من تقریب دلالتها بأنّ قوله علیه السلام : «فقد یعذر الناس بما هو أعظم» دالّ علی معذوریة الجاهل من حیث العقوبة عند الجهل ، الشامل بإطلاقه للمعذوریة عن العقوبة والنکال الاُخروی ، فضعیف جدّاً ؛ لأنّ قوله : «فقد یعذر» لا یستفاد منه الإطلاق ؛ لأنّ «قد» فیه للتقلیل لا للتحقیق .
وعلی أیّ تقدیر : التمسّک بها للمقام محلّ إشکال ؛ لأنّ التعلیل بأنّه کان غیر قادر علی الاحتیاط یجعلها مختصّة بالغافل ، وهو غیر محلّ البحث . وإلغاء الخصوصیة مع التفاوت الفاحش لا یمکن فی المقام .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 83