المرجع فی تعیین المیسور
ثمّ إنّ المرجع فی تعیین المیسور هو العرف بلا إشکال ؛ فإنّه المحکّم فی عامّة الموضوعات ؛ سواء کان الموضوع عرفیاً أو شرعیاً ، فإنّ الموضوع للقاعدة هو الطبائع المأمور بها ، ولا إشکال أنّ العرف واقف علی حقیقة الأمر فی هذه المیادین ؛ حیث یشخّص أنّه المیسور من الطبیعة عن غیره .
ضرورة أنّ الوضوء ـ مثلاً ـ طبیعة قد تصدق بنظر العرف علی الناقص لشرط أو جزء وقد لا تصدق فیعدّ الجبیرة فی بعض الأجزاء میسورها ، کما أنّه لایعدّ
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 415 الجبیرة فی معظم الأجزاء میسورها ، من غیر فرق بین الموضوعات العرفیة والشرعیة . فما عن البعض من التفصیل بینهما غیر وجیه .
وما یقال : من أنّ المراد من المیسور ما یکون وافیاً بالغرض أو ببعضه ، وهذا لایقف علیه العرف ضعیف ، مثل ما یقال : من أنّه لایجوز الاتّکاء علی القاعدة ؛ لکثرة التخصیصات الواردة علیها ، فلابدّ أن یضمّ إلیه عمل المشهور حتّی یکون جابراً لضعف دلالته .
أمّا ضعف الأوّل : فلأنّه لا دلالة فی الحدیث علی ما ذکر ، وإطلاقه حاکم علی خلافـه ، ولا وجه للمصیر إلیـه بلا داعٍ ، فیکون کلّ ما ورد علی خلافه مخصّصاً له .
وأمّا الثانی : فلأنّه إنّما یصحّ لو قلنا بعمومیة الحدیث للواجب وغیره ، وأمّا علی ما اخترناه من اختصاصه بالواجبات بقرینة عدم تحقّق العهدة فی غیرها واختصاصه بما إذا کان الباقی لدی العرف میسور الطبیعة لامطلقاً فلا أظنّ ورود التخصیصات الکثیرة علیه ؛ إذ لم یرد علیه تخصیص فی الحجّ والصلاة .
وأمّا الصوم فلا یتحقّق فیه المیسور والمعسور ؛ فإنّه ـ ظاهراً ـ أمر بسیط وضعی ، تکون المفطرات مفسداته ؛ فلا یعدّ من الطبیعة إذا اجتنب عن مفسداته مع شرب الماء القلیل .
نعم لو قلنا بعمومیته للواجب وغیره ، وما هو میسور الطبیعة وما لیس کذلک ، بل اکتفینا بمیسور الأجزاء لکان لما توهّم مجال .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 416