مقتضی الروایات الواردة فی الزیادة
فنقول : قد دلّ علی بطلان الصلاة بالزیادة روایات :
منها : ما رواه الکلینی بإسناده عن أبی بصیر ، قال : قال أبو عبدالله علیه السلام : «من زاد فی صلاته فعلیه الإعادة» .
ومنها : ما رواه أیضاً عن زرارة وبکیر ابنی أعین عن أبی جعفر علیه السلام قال : «إذا استیقن أنّه زاد فی صلاته المکتوبة لم یعتدّ بها ، واستقبل صلاته استقبالاً إذا کان قد استیقن یقیناً» ، وسیوافیک الاختلاف فی متنه .
وبإزائهما القاعدة المفروضة المنصوصة ، رواها الصدوق بإسناده عن زرارة عن أبی جعفر علیه السلام قال : «لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسة : الطهور والوقت والقبلة والرکوع والسجود» ثمّ قال علیه السلام : «القراءة سنّة والتشهّد سنّة ، ولا تنقض السنّة
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 373 الفریضة» . والمهمّ بیان مفاد الحدیثین الأوّلین ، وتوضیح نسبتهما مع حدیث لاتعاد ، فنقول :
أمّا ما رواه أبو بصیر فالظاهر منه : أنّ مطلق الزیادة فی الصلاة والإتیان بها مبطلة ، لکن بقصد أنّها منها ؛ سواء کانت من سنخ الصلاة کالرکعة والرکعتین ، أو من سنخ أجزائها کالسجدة والرکوع والقراءة ، أو من غیرهما کالتکتّف والتأمین إذا أتی بها بعنوان أنّها من الصلاة ؛ ضرورة صدق قوله علیه السلام : «من زاد فی صلاته» علی هذه کلّها . نعم ، لو لم یأت بها بعنوان أنّها منها فلا یصدق أنّه زاد فی صلاته ، بل أتی بشیء خارجی أثناء الصلاة .
ویدلّ علی التعمیم المتقدّم قوله علیه السلام فیمن أتمّ فی السفر : «لأنّه زاد فی فرض الله » . وما ورد مـن النهی عـن قراءة العزیمـة ؛ معلّلاً بأنّ السجـود زیادة فی المکتوبة . ومـا ورد فی باب التکتّف ووجـوب سجدة السهو لبعض الاُمـور الزائدة .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 374 ثمّ إنّ شیخنا العلاّمة ـ أعلی الله مقامه ـ استظهر کون متعلّق الـزیادة فی روایـة أبی بصیر هو ما یکون من سنخ الصلاة ، کالرکعة والرکعتین ؛ قائلاً بأنّ الـزیادة فی المقام مـن قبیل الزیادة فی العمـر فی قولک : «زاد الله فی عمرک» فیکون المقدّر ـ الذی جعلت الصلاة ظرفاً له ـ هو الصلاة ، فینحصر المورد بما کان الزائد مقداراً یطلق علیه الصلاة مستقلّاً، کالرکعة . مضافاً إلی أنّه القدر المتیقّن من بطلان الصلاة بالزیادة . أضف إلیه : أنّ روایة زرارة وبکیر مشتمل علی لفظ الرکعة ، انتهی .
وفیه : أنّ قیاس المقام بقوله : «زاد الله فی عمرک» قیاس مع الفارق ؛ لأنّ العمر أشبه شیء بالأمر البسیط لایقبل الزیادة من غیر سنخه ، وهذا بخلاف الصلاة ؛ فإنّه عمل مؤلّف من أفعال کثیرة مختلفة ، تقبل الزیادة من سنخها وغیر سنخها ، بشرط أن یکون الداعی هو قصد کونها من الصلاة اعتقاداً أو تشریعاً .
وإن شئت فاستخبر الحال من العرف ؛ فلو أمر الطبیب بعمل معجون ، وقدّر لها أجزاء وشرائط ، فلو زاد بعض الأجزاء مـن مقداره یصدق أنّه زاد فی المعجون ، مع أنّ الزائد لیس من سنخ المعجون ، بل من سنخ بعض أجزائه .
نعم ، یفترق المعجون عن الصلاة بأن لو کان الزائد فیه من غیر سنخ الأجزاء لا یصدق علیه أنّه زاد فی معجونه . وهذا بخلاف الصلاة ؛ فلو زاد فیها أمراً من غیر سنخ أجزائها لکن بقصد أنّه من الصلاة ـ کالتأمین ـ یصدق أنّه زاد .
والسرّ فی ذلک واضح ؛ لأنّ باب المعجون باب التکوین لایتقوّم بالقصد ، بخلاف الصلاة ؛ فإنّ کون الجزء جزءً صلاتیاً قائم بالقصد . وأمّا تمسّکه رحمه الله بروایة
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 375 زرارة فسیوافیک الحال فیها .
فإن قلت : ما ذکرت من التعمیم صحیح ، إلاّ أنّ ما ذکرت من الشرط فی صدق الزیادة من الإتیان بالزائد بعنوان کونه من الصلاة ـ کالتأمین ـ لایدلّ علیه دلیل ، بل الدلیل علی خلافه ؛ فإنّ النهی عن قراءة العزیمة فی الصلاة ؛ معلّلاً بأنّ السجود زیادة فی المکتوبة ظاهر فی عدم شرطیة القصد المذکور ؛ لأنّ الآتی بالسجدة من العامّة لا یقصد کونها من الصلاة .
قلت : قد أجاب عنه شیخنا العلاّمة بأنّ الوجه فی ذلک هو اشتراط الصلاة بعدم السجود للعزائم فیها .
وفیه : أنّ مرجع ذلک إلی النقیصة لا إلی الزیادة .
أضف إلی ذلک : أنّ مثل السجدة ـ حینئذٍ ـ یکون مثل القهقهة وغیرها من القواطع للصلاة ، مع أنّ إبطالها لیس لأجل الزیادة فی الصلاة ، بل لکونها ماحیة لصورة الصلاة ، ومبطلة للهیئة الاتّصالیة .
والحقّ : أنّ هذا الاستعمال غیر مأنوس ، فلابدّ من الاقتصار علی بابه .
کتابتهذیب الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث الاستادالاعظم والعلامه الافخم ... الامام الخمینی (س)صفحه 376