وقد یتخیّل : أنّ ا لعلم ا لاجما لیّ ا لمتعلّق بأحد ا لشیئین ، أو واحد من ا لأشیاء ، من قبیل ا لمتعلّق با لفرد ا لمنتشر وا لواحد ا لمبهم ، ولهذا یصحّ أن یقال : «نعلم بنجاسـة واحد من ا لکؤوس لابعینـه» وهو عین ا لإبهام والانتشار .
وفیـه ما لایخفیٰ ؛ إذ ـ مضافاً إلیٰ ما عرفت : من امتناع تحقّق ا لمبهم ، وا لفرد ا لمنتشر ، وا لواحد لابعینـه ، خارجاً وکذا ذهناً إلاّ با لحمل ا لأوّلی ـ أنّ ا لواحد من ا لکؤوس مثلاً ، إذا کان معلوماً بالإجمال ، فإن نظرنا إلی ا لواقع ، لایکون ا لنجس إلاّ ا لواحد ا لشخصیّ ا لمعیّن ، ولایعقل انتشاره وإبهامـه وهو واحد بعینـه وموجود مشخّص .
وإذا کان باقی ا لکؤوس طاهراً ، فلاینطبق ا لواحد ا لنجس إلاّ علیـه دون غیره ، فلا إبهام فی ا لواقع ، ولا فی ا لمفهوم ا لمنطبق علیـه .
وإذا نظرنا إلی ا لعلم وکیفیّـة تعلّقـه بـه ، فهو أیضاً متعلّق بعنوان معیّن ومشخّص فی ا لعقل ، وهو عنوان «واحد من ا لکؤوس ا لذی هو نجس» أی ا لمعلوم با لذات ، وا لمعلوم بواسطتـه وبا لعرض ، لیس إلاّ ما ینطبق هذا ا لعنوان علیـه ، وهو ا لنجس ا لواقعیّ ، ولایمکن انطباقـه علیٰ غیره ؛ لأنّ ما هو معلوم بهذا ا لعنوان ،
لایعقل تکثّره ولا انطباقـه علیٰ غیر ا لواقع .
نعم ، لمّا کان هذا ا لمعلوم ا لمعیّن مشتبهاً بین أشیاء ـ لعدم تعلّق ا لعلم بخصوصیّاتـه ا لممیّزة لـه عن سائرها ـ یقال : «إنّـه معلوم بالإجمال» بمعنیٰ أ نّـه معلوم معیّن واقعاً ، ومعلوم من جهـة بلا إجمال ، ومشتبـه من جهات اُخر .
مثلاً : لو علم أنّ زیداً موجود فی ا لدار ، ولایعرفـه بعینـه ، وکان مشتبهاً بین جمع ، تعلّق علمـه بأنّ زیداً موجود بینهم ، فعلمـه متعلّق بشخصـه ، بعنوان أ نّـه زید ، ا لمشخّص ا لموجود ، غیر ا لقابل للتکثّر وا لإبهام ، وا لتردّد والانتشار ، وباسمـه ا لموجود فی ا لذهن ا لمعلوم با لذات ، وهو أیضاً اسم شخص لاینطبق علیٰ غیره ، ولا إبهام ولا إجمال فیـه .
لکن لمّا لم یعرفـه بخصوصیّاتـه ا لمعرّفـة ، واشتبـه عنده بین سائر ا لأفراد ، واحتمل أ نّـه هذا ا لشخص ، أو ذاک ، أو ذلک ، یصحّ أن یقول بنحو ا لقضیّـة ا لمنفصلـة ا لحقیقیّـة : «إنّ زیداً إمّا هذا ، أو ذاک ، أو ذلک . . .» إلیٰ آخر ا لأفراد ، ویصحّ أن یقول : «إنّی أعلم أنّ زیداً موجود فی هذا ا لجمع» أو «إنّـه أحد هؤلاء ا لأشخاص ، ولا أعرفـه بعینـه» .
وهذا هو ا لمراد من ا لعلم ا لإجما لیّ ، أو ا لعلم بواحد لابعینـه ، لا أ نّـه فی ا لواقع أو ا لذهن ، یتحقّق ا لواحد ا لمبهم ا للاّبعینـه ؛ ممّا هو واضح ا لفساد .
وإذا علم أنّ ا لواجب فی یوم ا لجمعـة إمّا صلاة ا لظهر ، أو صلاة ا لجمعـة ، یعلم أنّ واحداً معیّناً وجب فی ا لشرع ، وا لصورة ا لذهنیّـة ا لفریضـة یوم ا لجمعـة ، وهی غیر قابلـة للانطباق علی ا لصلاتین ، بل لاتنطبق إلاّ علیٰ ما هی فریضـة ، لکن لمّا کانت مشتبهـة ، تصدق ا لقضیـة ا لمنفصلـة ا لحقیقیّـة ، ویصدق : «أ نّـه عا لم بفریضـة معیّنـة یوم ا لجمعـة» وإن اشتبهت عنده .
فلا إجمال فی ا لعلم ، ولا فی ا لمعلوم با لعرض ، ولا فی ا لمعلوم با لذات .
وإنّما تعرّضنا لذلک بهذا ا لتفصیل مع وضوح ا لأمر ؛ لوقوع الاشتباه فیـه حتّیٰ عند بعض ا لمحقّقین وا لأعلام .