فی عدم المطابقة بین الإجازة والعقد فی الأجزاء
أمّا فی الأوّل : فلو أوقع الفضولی المعاملة علی مرکّب ذی أجزاء، وأجاز المالک تلک المعاملة بالنسبة إلی بعض الأجزاء، فلو قلنا بأنّ الإجازة لاحقة بإنشاء العقد ومتعلّقة بها، فلم تحصل المطابقة بین المجاز والإجازة، فإنّ العقد أمر واحد غیر قابل للتجزّی بالنسبة إلی أجزاء متعلّقه، وإن ذکر المرحوم المحقّق الأصفهانی فی المقام: أنّ العقد المتعلّق بمرکّب منحلّ إلی عقود متعدّدة حسب تعدّد الأجزاء، فإنّ المرکّب عین الأجزاء، فمن باع المرکّب من الثوب والفرس فقد باع ثوبه وباع فرسه، فیمکن إجازة بعض ما وقع علیه العقد؛ لحصول المطابقة فی ذلک البعض. ولکن هذا الاستدلال ـ بعد الإغماض عن إشکاله العقلی، وهو أنّ الشیء الواحد غیر قابل للانحلال ـ غیر موافق لنظر العقلاء؛ أتری أنّ من باع منظرة الغیر، فهل یجوز لمالکه إجازة بعض منه لحصول التطابق؟! أو من باع دار الغیر، فهل یجوز لمالکه إجازة آجر منه أو بیت منه لذلک؟!
والمعلوم أنّ العقلاء لایساعدون علی مثل ذلک، مضافاً إلی أنّه لو سلّم الانحلال لزم کون جُلّ المعاملات ـ إن لم یکن کلّها ـ غرریّا، فإنّ أجزاء الدار ـ مثلاً غیر معلومة للمتبایعین، والثمن الواقع فی مقابلتها أیضاً غیر معلوم، فلو بنینا علی تعلّق الإجازة بالإنشاء فلا یمکن دعوی حصول التطابق بإجازة بعض ماوقع علیه العقد، ولذا ذکرنا فی مسألة النذر علی اُمور متعدّدة، کصوم کلّ خمیس: أنّ بمخالفة البعض یحصل الحنث،وبعد ذلک لایجب الوفاء بالنسبة إلی سائر الأبعاض، فإنّ مایلزم الوفاء به إنّما هو النذر، وما یوجب الکفّارة إنّما هو مخالفته، وهو أمر واحد متقوّم بالإنشاء، فمع مخالفته ولو فی بعض ما تعلّق به، لایبقی مجال لموافقته
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 574 بعد ذلک لعدم الموضوع، نظیر ذلک الجمع بین اُمور غیر واقعة والإخبار بها بإخبار واحد، کـ «کلّ نار باردة» فهل یمکن القول: بأنّ ذلک أکاذیب متعدّدة حسب تعدّد أفراد النار؟
والحاصل : أنّ النذر واحد وإن تعلّق بمتعدّد.
وأمّا لو قلنا : بأنّها متعلّقة بالمنشأ، وهی النقل الإنشائی لا إنشاء النقل، فیختلف الحال باختلاف الموارد، فلو کان نظر المتبایعین إنشاء نقل واحد متعلّق بالمرکّب؛ بحیث لم یقع إلاّ معاملة واحدة بنظر العقلاء، فلم تحصل المطابقة حینئذٍ، نظیر بیع المنظرة والدار الذی سبق ذکره، ولو کان نظرهما نقل کلّ واحد ممّا تعلّق به العقد؛ بحیث یکون الجمع فی التعبیر، وإلاّ فالواقع معاملات متعدّدة بنظر العقلاء، کبیع التاجر الکتاب والثوب ـ مثلاً ـ بإنشاء واحد، فتحصل المطابقة بإجازة البعض أیضاً، وهذا ظاهر.
والحقّ : أنّ الإجازة متعلّقة بالمُنشَأ بنظر العقلاء، لا الإنشاء، وشأن الإنشاء إنّما هی الطریقیّة، ولا موضوعیّة له، وتمام الموضوع بالنسبة إلی لحوق الإجازة إنّما هو الموجود بالإنشاء، وهو النقل لا نفس الإنشاء، والدلیل هو الرجوع إلی الارتکاز العقلائی فی أنّ إجازة البیع هل هی إجازة النقل وإمضاؤه أو إجازة إنشائه؟ وبالرجوع إلی ذلک یحصل الجزم بالأوّل، فإنّ الإنشاء لا خصوصیّة فیه، وعلیه یترتّب ما مرّ من اختلاف الموارد فی حصول المطابقة وعدمها.
هذا فی الإجازة المتعلّقة بالعقد، والکلام فی القبول المتعلّق بالإیجاب عین الکلام بلا زیادة ونقصان، فلا یحتاج إلی الإعادة.
وبالجملة : تختلف الحال ـ صحّة وفساداً ـ فیما لو أجاز المالک بعض ما وقع علیه العقد؛ بحسب ملاحظة العقلاء انحلال العقد الواقع علی المرکّب إلی معاملات
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 575 متعدّدة وعدمه، فلو اشتری السلعتین المملوکتین لمالک واحد أو مالکین فضولیّاً، وأجاز المالک الواحد المعاملة الواقعة علی أحدهما، أو أجاز أحد المالکین المعاملة الواقعة علی ماله، صحّت المعاملة لملاحظة العقلاء انحلال المعاملة إلی معاملتین فیها، بخلاف بعض موارد اُخری کبعض الأمثلة المتقدّمة .
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 576