الاستدلال بعقد المستثنیٰ منه
الأوّل : الاستدلال بعقد المستثنیٰ منه، وتقریبه أیضاً بوجهین :
أحدهما : أن یکون النهی عن الأکل بالأسباب الباطلة، إرشاداً إلی عدم نفوذ تلک الأسباب، وعدم ترتّب الأثر علیها. وبما أنّ المتّبعَ فی فهم المراد من مثل هذه الآیات ـ المتکفّلة ببیان وظائف الناس وأهل العرف ـ نظرُهم، تکون النتیجة عدم نفوذ الأسباب الباطلة بنظر العرف، وحیث إنّ العرف والعقلاء بعد تمامیّة البیع ـ ومنه المعاطاة ـ یتعاملون معه معاملة اللزوم، ولا یعتنون بفسخ أحد المتعاقدین من دون رضا الآخر، فیکون الفسخ من الأسباب الباطلة بنظرهم، فتدلّ الآیة علیٰ عدم نفوذه شرعاً أیضاً.
وثانیهما : أن یکون النهی دالاًّ علی الحرمة، إلاّ أنّ حرمة الأکل بالأسباب الباطلة ملازم لعدم نفوذ تلک الأسباب؛ لعدم احتمال أن یکون حرمة الأکل حکماً تعبّدیّاً ولو کانت الأسباب نافذة شرعاً، وحینئذٍ یتمّ المقصود بالتقریب المتقدّم.
ولکنّ هذا التقریب لا یتمّ ، فإنّ تمامیّة ذلک موقوفة علیٰ أن یکون منشأ احتمال نفوذ الفسخ احتمال التخصیص الحکمیّ؛ أی یحتمل أنّ الشارع حکم بنفوذ
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 78 ذلک مع کونه باطلاً. وعلیٰ هذا وإن صحّ التمسّک بهذا العقد من الآیة ـ عند احتمال التخصیص والحکم بعدم نفوذ الفسخ ـ إلاّ أنّ هذا الاحتمال سخیف جدّاً، فإنّه مع ورود دلیل علیٰ نفوذ الفسخ لا یراه العقلاء مخصّصاً للآیة، وأنّ الفسخ مع کونه باطلاً نافذ، بل نظر العقلاء ببطلان السبب معلّق علیٰ عدم ورود تعبّد من الشارع بنفوذه، وحینئذٍ یکون الشکّ فی نفوذ الفسخ وعدمه، راجعاً إلی الشکّ فی ورود تعبّد من الشارع بذک وعدمه، الراجع إلیٰ الشکّ فی بطلان الفسخ وعدمه، فیکون من الشبهة المصداقیّة للآیة الکریمة.
لا یقال : إنّ نظر العقلاء ببطلان السبب وإن کان معلّقاً علیٰ عدم ورود إنفاذ شرعیّ فیه، إلاّ أنّه لیس بدیهیّاً؛ بحیث یصلح لکونه قرینة حافّة بالکلام، بل إنّه من الأُمور النظریّة، فهی من قبیل القرینة المنفصلة، فمع الشک فی ورود الإنفاذ الشرعیّ یتمسّک بالآیة، فإنّ ظهورها تامّ علیٰ ما ذکر. وقد مرّ مثل ذلک فی دلیل السلطنة.
فإنّه یقال : کم فرق بین المقام ودلیل السلطنة؟! فإنّ الموضوع والمتعلّق کانا محفوظین فی ذلک الدلیل حتّیٰ حال الشبهة، وکان الشکّ فی ورود سلطنة إلهیّة راجعاً إلی تخصیص دلیل السلطنة، بخلاف المقام، فإنّه مع ورود دلیل الإنفاذ یتبدّل الباطل بغیر الباطل، فالشکّ فیه یکون شکّاً فی البطلان وعدمه، فلا یمکن التمسّک بالآیة حینئذٍ .
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 79