بناء المعاملات علی ما هو المتعارف
ثمّ إنّه بعدما تقدّم : من أنّ المعتبر فی المعاملات لیس إلاّ ماهو المتعارف منها سبباً ومسبّباً، وأنّه لابدّ ـ فی کشف اعتبار خصوصیّة فیها وعدمه ـ من ملاحظة بناء العقلاء فیها والرجوع إلی سوقهم، ظهر عدم الحاجة إلی کثیر من المباحث الراجعة إلی ألفاظ العقود، مثل اعتبار کون الإنشاء بالألفاظ الحقیقیّة الصریحة وعدمه، فیکفی الإنشاء بالمجاز أو الکنایة أو المشترک الراجع إلی موادّ الألفاظ، أو اعتبار کونه بخصوص الفعل الماضی وعدمه، فیکفی الإنشاء بالمضارع أو الجمل الاسمیّة الراجع إلی هیئاتها المفردة، أو اعتبار الموالاة بین الإیجاب والقبول وعدمه، وغیر ذلک الراجع إلی الهیئة الترکیبیّة بینهما، فإنّه لابدّ من ملاحظة ماهو المعتبر عند العقلاء فی جمیع ذلک، فقد یکون الإنشاء بالمجاز أو الکنایة أو المشترک أو غیر الماضی معتبراً عندهم، کما إذا أنشأ الإجارة بلفظ البیع، أو أنشأ البیع بما هو دالّ علی لازمه کـ «هذا فیملکک، أوتحت تصرّفک»، أو أنشأ باسم الفاعل کـ «أنا بائِعک».
ولایخفی أنّا لانرید من لزوم ملاحظة اعتبار العقلاء فی الخصوصیّات المشکوکة أنّ فاقد الخصوصیّة علی تقدیر اعتبارها عندهم معاملة غیر معتبرة، فعلی تقدیر اعتبار الماضویّة فی البیع عندهم یکون الفاقد لها بیعاً غیر معتبر؛ بل نرید من ذلک أنّه حیث إنّ المعاملة لابدّ وأن تکون معتبرةً شرعاً، وأنّه لیس للشارع المقدّس فی ألفاظها اصطلاح خاصّ واختراع جدید، ولم یؤسّس فی حقیقة
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 199 المعاملات شیئاً غیر ما هو المتعارف عند العقلاء، ولو اعتبر شیئاً فیها اعتبره شرطاً لتأثیرها، لا أنّ حقیقة المعاملة عنده مغایرة لحقیقتها عند العرف، فلابدّ من الرجوع إلی العقلاء فیها، وملاحظة أنّه فی أیّ مورد یعتبر تحقّق المعاملة عند العقلاء؛ بلا فرق فی ذلک بین الأسباب والمسبّبات، فکما أنّه فی تشخیص ماهیّة البیع بمعناه المسبّبی یرجع إلیهم، کذلک فی تشخیص أسبابها أیضاً یرجع إلیهم؛ لیری أنّه هل العقلاء فی مورد السبب الفلانیّ ـ مثلاً ـ یعتبرون تحقّق البیع فیتّبع، فإنّه معتبر شرعاً أیضاً، إلاّ أن یدلّ دلیل علی إلغاء سببیّة ذلک فی التأثیر بنظره، أو لا فلا تشمله أدلّة الإمضاء. فلیتدبّر.
ثمّ إنّه لاینبغی الإشکال فی عدم اعتبار إنشاء البیع بلفظ التملیک، فإنّه وإن کان تملیکاً بالعوض علی قول، إلاّ أنّ البیع الخارجیّ تملیک بالحمل الشائع، لا بالحمل الأوّلیّ، فیمکن إنشاؤه لکلّ مادلّ علی التملیک بالحمل الشائع، وهذا ظاهر.
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 200