فی کلام للشیخ والسیّد فی مکان مطالبة المالک بالمِثْل ومناقشته
ثمّ إنّه ذکر الشیخ رحمه الله فی ذیل هذا الأمر : «ثمّ إنّه لا فرق فی جواز مطالبة المالک بالمِثْل بین کونه فی مکان التلف أو غیره...» إلی آخره.
وذکر السیّد رحمه الله فی الحاشیة علی ذلک : أنّ هنا مسألتین:
الاُولی : لا إشکال فی جواز مطالبة المالک بماله من العین أو المِثْل فی أیّ مکان؛ لعموم «الناس مسلّطون» وإن لم تکن العین أو المِثْل موجوداً فی ذلک المکان؛ إذ غایته أنّ معه ینتقل إلی القیمة.
الثانیة : أ نّه لیس للمالک إلاّ الإلزام بالردّ إلی المکان الذی وصلت العین إلیه أو المِثْل فی مکان وجود العین وتلفها، فمع الانتقال إلی القیمة یأخذ قیمة المثل هناک، فلو أدارها فی البلدان له إلزامه بالردّ إلی کلّ واحد منها؛ لأنّ له أن یقول: «إنّی
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 279 اُرید بقاء مالی فی ذلک البلد الذی وصل إلیه»، ولیس له إلزامه بالنقل إلی مکان لم یصل إلیه وان کان المالک هناک، وجواز المطالبة لایستلزم ذلک. وکذا بالنسبة إلی المثل وقیمته مع تعذّره، له المطالبة فی جمیع الأمکنة التی وصلت العین إلیها فی مکان المطالبة.
ووجهه : انصراف أدلّة الضمان إلی وجوب الردّ والدفع فی مکان ذلک المال. نعم، لو کان المِثْل فی بلد المطالبة مساویاً فی القیمة للمثل فی مکان التلف، أمکن جواز مطالبته؛ بمعنی عدم الانتقال إلی القیمة علی فرض المطالبة. انتهی ملخّصاً.
أقول : أمّا فی المسألة الاُولی : فجواز المطالبة موقوف علی إمکان المطالبة، وهذا إنّما یتحقّق مع إمکان الدفع، ومعه لابدّ من دفع نفس العین أو المِثْل، ولاتصل النوبة إلی القیمة، أمّا مع التعذّر فلایمکن المطالبة جدّاً مع الالتفات إلی ذلک، نظیر ما ذکرنا فی الأمر بغیر المقدور، وما لا ینبعث إلیه بالبعث نحوه، مع الالتفات إلی ذلک، فإنّ الأمر حینئذٍ مستحیل؛ لعدم تحقّق مبادیه وعدم حصول الجدّ بالبعث، لا أ نّه ممکن وقبیح. نعم، فی الأحکام القانونیّة ذکرنا وجه إمکان الأمر والبعث بنحو القانون، مع عدم إمکان الانبعاث فی بعض أفراده لتغایر مبادئ جعل القانون ومبادئ جعل الحکم الشخصیّ، وهذا أمر آخر غیر ما نحن فعلاً بصدد بیانه.
وما یتوهّم : من أنّ المقام نظیر تحقّق قصد الإقامة بالنظر إلی مصلحة فی نفس القصد، وهو الإتیان بالصلاة تامّة مع عدم وجود مصلحة فی المقصود، ونظیر الأوامر الامتحانیّة التی تکون المصلحة فی نفس الأمر لا المأمور به.
مندفع : بأنّ النظر إلی مصلحة الإتیان بالصلاة تامّة یوجب الجدّ بالمقصود، وهو الإقامة عشرة أیّام فیقصد، وإلاّ فکیف یمکن تعلّق القصد بما لا یحصل الجدّ به؟! والأوامر الامتحانیة أوامر صوریّة، لا أ نّها بعث حقیقة ، وأمّا فی المقام
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 280 فلایحصل الجدّ بالمطالبة مع الالتفات إلی عدم إمکان الدفع، ومن مبادئ المطالبة تعلّق الإرادة الجدّیّة نحو المطلوب.
ثمّ إنّه لو سلّمنا إمکان المطالبة والجواز متفرّعاً علیه لدلیل السلطنة، فأیّ دلیل دلّ علی الانتقال إلی القیمة بمجرّد المطالبة؟! بل بناء علی مبناه رحمه الله لابدّ من الالتزام بثبوت العین فی العُهدة إلی زمان الأداء، کما هو أیضاً یلتزم بذلک، وعلی المشهور لابدّ من الالتزام بثبوت المثل علی تقدیر تلف العین فی العهدة إلی زمان الأداء، وأداء القیمة من مراتب الأداء، لا أنّ الذمّة منتقلة إلی ذلک.
وثمرة هذا : لزوم قیمة یوم المطالبة بناء علی الأوّل، ویوم الأداء علی الثانی.
تحصّل من هذه المسألة : أ نّه لایمکن مطالبة العین أو المثل عند التعذّر، فضلاً عن الانتقال إلی القیمة بالمطالبة. نعم، المطالبة بتدارک الخسارة أمر آخر، وهو المطالبة بالقیمة، وسیجیء إن شاء الله .
وأمّا فی المسألة الثانیة : فدعواه انصراف الأدلّة غیر مسموعة، فأیّ منشأ لانصراف مثل «المغصوب مردود» أو «من أتلف مال الغیر فهو له ضامن».
وما ذکره : من أ نّه للمالک أن یقول: «إنّی اُرید بقاء مالی فی ذلک البلد الذی وصل إلیه» فله إلزامه بالردّ إلی ذلک البلد.
مدفوع : بمنع الملازمة، مضافاً إلی أ نّه لو سلّمنا ما ذکره؛ وأنّ للمالک المطالبة بالعین فی جمیع ما أدارها فیه من البلاد، فلابدّ من الالتزام بأنّ له المطالبة بالمثل أو القیمة فی جمیع البلاد التی وصل المالک إلیها، فإنّ المِثْل والقیمة الثابتین فی عُهدة الضامن علی المشهور، والعین الثابتة فیعهدته علی مبناه رحمه الله، تنتقلان بتبع انتقال الضامن.
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 281