تحقیق فی حقیقة الملکیّة
ولابدّ لنا من تحقیق : أنّه هل الملکیّة من قبیل الحقائق التی تکون ذات مراتب، أو أنّ لها نوعین، أو لا هذا ولا ذاک، بل الملکیّة أمر واحد شخصیّ، والاستقرار والتزلزل غیر منوّع لها؟
لا إشکال فی أنّ الملکیّة لیست من قبیل الأوّل عند العقلاء؛ أی یکون ما به الامتیاز فیها عین ما به الاشتراک کالنور؛ أتریٰ أنّ العقلاء یرون فی مورد مرتبة من الملکیّة وفی مورد آخر مرتبة أشدّ منها، فالشّخص فی الأوّل مالک، وفی الآخر أشدِّمالکیّة؟
وأمّا الثانی : فإمّا أن یقال : إنّ التنویع فی نفس الملکیّة والاعتبار أنّ اللزوم والجواز فیها نفسها، لا بلحاظ سببها، فهذا خلاف الضرورة عند العقلاء.
وإمّا أن یقال : إنّهما معتبران فی سببهما، وحینئذٍ إمّا أن یقال بنُشُوّ اعتبارٍ من ذلک فی المسبّب أیضاً، کما یقال بنُشُوّ وجوب المقدّمة من وجوب ذیها، فهذا
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 59 لا محصّل له، کما ذکرنا فی بحث المقدّمة، وقلنا : إنّ کلّ إرادة تنشأ من مبادیها الخاصّة وإن کانت غایة الإرادة الثانیة الوصول بالمراد الأوّل، ولا معنیٰ لنُشُوّ الإرادة من الإرادة.
وإمّا أن یقال : إنّه مع فرض الاعتبار فی السبب اعتبر فی المسبّب أیضاً، فهذا یعدّ من اللغو؛ لحصول الفرض بالاعتبار الأوّل.
فبقی فی البین احتمالان :
أحدهما : أن یکون اللزوم والجواز من أحکام العقد؛ بحیث لو اُسندا إلی الملک لکان بالعرض والمجاز.
ثانیهما : عکس ذلک؛ أی یکونان من أحکام الملک؛ بحیث لو اُسندا إلی العقد لکان بالعرض والمجاز.
والظاهر أنّ نظر العقلاء مساعد علی الأوّل منهما.
وعلیٰ أی تقدیر : إنّ العقلاء لا یرون الملکیّة إلاّ قسماً واحداً، واللزوم والجواز اعتبار آخر عندهم، وهما من الأحکام المترتّبة إمّا علی العقد کما هو الظاهر أو علی الملکیّة. فعلیٰ هذا یجری استصحاب الشخصیّ ـ کالکلّی من القسم الأوّل ـ فی الملکیّة.
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 60