أدلّة الفوریّة ومناقشتها
أقول : ما یمکن أن یقال فی وجه الفوریّة اُمور ثلاثة :
إحداها : أنّ التراضی موجب لانهدام العقد نظیر تأخیر القبول عن الإیجاب.
وأنت خبیر بما فیه، فإنّ العقد تامّ فی الفضولی والإجازة غیر دخیلة فی حقیقته، فلا معنی للقول بانهدام العقد بتأخیر الإجازة، وقیاس الإجازة بالقبول علی مسلک القوم قیاس مع الفارق؛ لدخله فی حقیقة العقد، فیمکن أن یقال: إنّه یلزم من التأخیر عدم تحقّق الوحدة المعتبرة فی العقد، بخلافها فإنّها خارجة عن العقد.
وأمّا علی مسلکنا فالقبول أیضاً یجوز تأخیره کالإجازة، مع أنّ لازم هذا الوجه عدم الفرق بین صورة التأخیر عن التفات وعدمه، فإنّ الالتفات غیر دخیل فی حقیقة العقد، مع أنّ القائلین بالفور یلتزمون به بعد الالتفات.
ثانیها : أنّ التراضی موجب لفساد العقد بنظر العقلاء.
وفیه ما لا یخفی ، فإنّ موضوع الأثر بنظرهم العقد والرضا به ولو حصل بعد حین.
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 569 وثالثها : أنّ الفور قید معتبر شرعاً فی صحّة العقد.
ویُدفع هذا الوجه بالإطلاقات وصحیحة محمّد بن قیس؛ بناء علی تحقّق أمد بین التفات صاحب الولیدة وإجازته، کما هو الظاهر.
ومن الواضح أنّ مبنی هذه المسألة وخیار الغبن لیس ما ذکره المحقّق النائینی رحمه الله: من أنّ الإنسان مجبول علی دفع الضرر وجلب المنفعة، بل المبنی فی المقام التمسّک بإطلاق الأدلّة، وفی تلک المسألة ما هو المعروف من التمسّک بالعموم، أو استصحاب حکم المخصّص، فتدبّر جیّداً.
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 570